ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - أفراح ( قصة قصيرة )
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 17-12-2010, 11:21
الصورة الرمزية nuha1423
nuha1423
غير متواجد
مـــــراقبة عــــامة
محاضرة في الدورة الثانية لتعليم الفيزياء
 
تاريخ التسجيل: Oct 2005
الدولة: السعودية - الرياض
المشاركات: 14,946
افتراضي أفراح ( قصة قصيرة )



بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قصة إنسانية رائعة





أفراح


لم أستطع أن أمنعها من النزول ، دمعتي ،

وهي أمامي تجهش بسعال حاد كالهدير ، فيستقر جهاز الأوكسجين على فمها وأنفها.

وعيناها تطفران بدموع حارة خوفاً من الأبرة التي ستنغرز في يدها الصغيرة .

إحساس غريب يلفني وأنا أجوب أروقة المشفى الموغلة في الهدوء .

أتبعها على كرسيها المتحرك ، إحساس بالرهبة والتوتر والمرض ،

يجعلك تنسلخ عن الحياة كأنك تدخل قوقعة مظلمة.

سكنت بأمان على سريرها وأغمضت عينيها بعد حقنة المهدئ.

ومضى من النافذة برق قوي ، فأجهشت السماء بالمطر ،

وزاد من إحساسي بالوحشة والألم ، لم أنتبه إلى المرأة الجالسة في ركن الغرفة

بجانب ابنتها المريضة إلا حين أتاني صوتها يدندن " ياماما... ياحنونة "

أغنية عذبة يغنيها كل الأطفال .

التفت إليها ... رأيتها تحضن ابنتها ذات الأشهر بحنان غريب ،

تغني لها وتداعبها وتقبلها ، وتناغيها ، تكاد أن تطير فرحاً بها ... وسألتها: ما اسمها؟

اجابتني بعفوية : أفراح.

سألتني : وابنتكِ مابها؟

قلت : التهاب رئوي حاد.

تمتمت : بسيطة ... خير إن شاء الله.

بسيطة؟؟!!! .... لؤلؤتي الصغيرة ذات البراعم الخمسة ، تنام كالملائكة ...

ورئتاها الصغيرتان تتألمان وتقول.. بسيطة؟.

جاء الليل ..وحين يجئ الليل كل شيء يزداد رعونة ،

حرارة الأطفال ، السعال،الألم..... وحزن الأمهات.

لكن ألم أفراح كان لامثيل له... كانت تختنق بسعالها حتى تغشى

وينطلق من صدرها صفير... أرتعش حين أسمعه ، ويكتسي وجهها زرقة الموت .

وأفزع من نومي إلى الأم الملهوفة تحضن ابنتها ،

أساعدها.... أطلب لها الممرضة ، أنقذها بجهاز الأوكسجين ،

نسيت ابنتي النائمة ... الهادئة تماماً.

نظرت إلى عيني "أفراح" رأيت حدقتيها لاتستقران.... منظرهما غريب.

سألت أمها: مم تشكو أفراح؟.

قالت : أزمة ربو حادة .... ثقب خلقي في القلب .... وعمياء.

يا إلهي ...... أية قوة جبارة تجعلكِ تغنين وتدندنين وتضحكين لطفلتكِ أيتها الأم الرائعة.

حين هدأت الأزمة ، رأيتها تلثم ابنتها ، تمسح شعرها ، تبتسم ، وقالت لي :

- انظري ماأجملها.....

- ونظرت إلى ابنتي ... رأيتها نائمة ... معافاة... جميلة.


ولأول مرة .... ابتسمت وهمست:

نعم إنها جميلة .... وأنتِ أجمل يا أم أفراح.

بقلم د. لينة الدسوقي
__________________

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم


رد مع اقتباس