تفضلوا اقراوا
بعد هذا التقديم نتساءل بصدق هل استطاع الإنسان أن يتصل بالفضاء الخارجي ويتواصل مع مخلوقاته ؟
نقول وبنظرة قرآنية نعم لقد تحقق هذا الاتصال ولكن بشكل نخبوي مقتصر على أنبياء الله تعالى وأوليائه تحقق هذا التواصل والتعاون مع السماء لغاية هي ان يرقى هذا النوع الإنساني إلى أعلى تصميم متطور له نعم لقد جاءوا ولا زالوا وأرجو أن لا يستغرب القارئ من هذا الطرح لأننا نعد الملائكة من ضمن هذه المخلوقات الفضائية العاقلة! واستغرب من الذين تناولوا هذا الجانب من الأبحاث كيف لم يلحظوا هذا الأمر أليس الملائكة من ضمن مخلوقات السماء التي تريد أن تعلم الإنسان على هذا الكوكب وترقى به الى طور الاستخلاف وأشرفت على تدبير الكثير مما يتعلق بالقوانين الكونية وما يتعلق بالإنسان نفسه حسب ما ورد في النصوص السماوية .
ولكننا ننظر الى هذا الموضوع بشكل مغاير عن نظرة الآخرين إليه فإننا نعتقد إن السماء أرسلت معلمون اتخذوا الشكل الناسوتي وتمثلوا لهذا الإنسان على طبيعته في هذا الكوكب وتعاملوا بنفس قانونه ، علموا الأنبياء والمرسلين منذ القدم وأقاموا حضارات ومؤسسات تزهر بعلوم لم يتوصل إليها إنسان اليوم ، بل أصبحت تلك الحضارات كبسولات معرفية توسطت بين الماضي والحاضر ينهل منها المتعلمون على مدار الزمن كما سيأتيك بيانه بخصوص مؤسسة سليمان عليه السلام وما توصل إليه بفضل هؤلاء .
ولا زالوا موجودين بيننا !لغاية هي أن يصنعوا على هذه الأرض مشيئة الله تعالى في ان يعدّوا هذا المخلوق الإنساني إلى طور الاستخلاف .
ومن يركز على الأحداث الماضية يجد بصمات هؤلاء المعلمين في وعلى كل شيء يميتون ويحيون ويدمرون ويهلكون ويرزقون ويوحون ويرسلون كأنهم يمثلون غرفة العمليات المتحكمة بالوجود كله وكل هذه المفردات القرآنية تشير إلى الاستمرار الزمني وتدل على تزامنهم ووجودهم المستمر المتسق مع الوجود وعملية الاتصال بالسماء منحصر بهؤلاء فقط لأنهم أسياد كل المخلوقات السماوية والأرضية .
ثم نتساءل مرة أخرى ونقول لماذا يمد الإنسان ببصره إلى السماء متجاهلاً هذه المجموعة المعلمة التي نزلت إليه من السماء وتعيش معه وتعمل على إنقاذه ؟ لو كان الإنسان صادقاً ببحثه لوجد إن الأمر كله متعلق بهذه ا لمجموعة ولايعدو عنها
هذه المجموعة علمت الأنبياء والأولياء أموراً ما من خلالها التحكم بالأشياء فلماذا لم نتساءل من أين أتت عصا موسى عليه السلام !؟ وخاتم سليمان عليه السلام ومن أين أتى موسى عليه السلام بالألواح !؟ أليس منهم !؟
تأكد انها هي التي علمت الأنبياء وسخرت لهم القوانين كما فعلت مع نبي الله سليمان عليه السلام لقد ساعدته من أن يبسط نفوذه على الأرض- ولهذا حدث الاتصال مع تلك العوالم المؤثرة الأخرى وجاء القرآن ليؤكد هذا الأمر بالإشارة إلى الأسماء العامة إذ تكون له جيش من نوعين.. وكانت غايته المضي قدماً في الدعوة إلى الله ) :
[وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير..] 17/النحل.
بعد أن أتممت هذه العبارة التي قد قرأتها في كتاب طور الاستخلاف ذهبت مباشرةً إلى كتاب الله تعالى كي انظر وأتأمل كل القصة المتعلقة بنبي الله سليمان ( عليه السلام ) وأحاول أن أجد ما يدلني على اتصاله بتلك العوالم أو أجد ما يدلني على حقائق علمية تثبت إن شيئاً من الاستخلاف قد حدث في عهد سليمان عليه السلام .
لقد سأمت مقولات الاعتباط عندما تتكلم عن هذا الرجل العظيم فهو عندهم رجل ثري ومترف وما عملية تسخير الرياح والجن وغيرهم ألا ليعملوا له محاريب وتماثيل لا نعرف الغاية من ورائها فهل هذا أنصاف لنبي الله سليمان( ع) ألا يستطيع فرد أو رجل من أغنياء هذا الزمن مثلا أن يعمل هذا كله نعم يستطيع وفوق ذلك ومن غير تسخير الرياح والجن والعفاريت وبدون أي توجيه من السماء !
نقطة التأكيد على تعاون المخلوقات الفضائية مع سليمان عليه السلام :
أن نقطة التأكيد في تعاون المخلوقات الفضائية مع نبي الله سليمان عليه السلام هي الآية الكريمة ( وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير..] 17/النحل ) وهذه الآية تتكلم عن ( الإنس ) ولقد بين المرحوم النيلي في نفس هذا الكتاب أي طور الاستخلاف ( بأن الإنس غير الناس وهم عدد من الأجناس ، ولذلك جمع الأقطار والسماوات في مقام التحدي: (إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فأنفذوا)، لكونهم عوالم متعددة في أقطار السماوات والأرض المتباعدة . وقبل ان نكمل كلام أستاذنا الراحل المرحوم النيلي نود إن نشير للقارئ أن الآية لا تنفي النفوذ من أقطار السموات والأرض على الإطلاق بل تثبته من جهة أخرى إِلَّا بِسُلْطَانٍ والمنهج يلاحظ هذه اللفظة قد وردت في مواضع كثير في القران الكريم ولكن أهمها ما ارتبط بطور الاستخلاف لمولانا الحجة ( عليه السلام ) مما يؤكد عالمية الاستخلاف ليشمل أقطار السماوات والأرض .
وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً [الإسراء : 33]
ثم يثبت المرحوم النيلي على أن الخطاب الآخر في سورة الأنعام يؤكد كون الرسالة لجميع العوالم الإنس والجن وهما أصلان لكثير من سكان الكواكب وهو قوله تعالى ( يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا) 130/الأنعام.
ويتأكد المعنى الشمولي الكوني للرسالة حينما نتذكر أن المخاطبين يوم القيامة لإدخالهم جهنم هم فقط نوعان هما (الإنس والجن) مما يدل على أنهما أصل جميع تلك الخلائق المجموعة في ذلك اليوم :
[قال أدخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس] 38/الأعراف.
إذن فالإنس ليسوا بني الإنسان على أرضنا وحدهم، ولا يعقل أن يخاطبهم القرآن مراراً وهو كتاب أنزل في الأرض، فلا بد من وجود تمهيد سابق لهذا الإنذار ... انتهى كلام المرحوم النيلي ...
دمتم بخير