هنا أيضاَ نبذة عن كتاب الكون في قشرة جوز وأهم مايحتويه..
الكون له تواريخ متعددة، كل منها يتحدد بجوزه دقيقة لعل هاملت كان يعني بذلك - أننا نحن البشر - وان كنا مقيدين بدنيا تقييدا شديدا، إلا أن عقولنا حرة في أن تستكشف الكون كله. فيما ظل الجنس البشري يريد دائما ان يتحكم في المستقبل، أو على الأقل أن يتنبأ بما يحدث وهذا هو السبب في انتشار التنجيم انتشارا شعبيا بالغا حيث يرى المنجمون أن الأحداث على الأرض لها ارتباط بحركات الكواكب عبر السماء ولعل السبب الحقيقي في أن معظم العلماء لا يؤمنون بالتنجيم ليس هو وجود البراهين العلمية أو نقصها، وإنما لان التنجيم لا يتسق مع نظريات أخرى قد اختيرت بالتجارب مؤلف هذا الكتاب الذي نعرضه اليوم هو ستيفن هوكنج عالم فذ يعد من أهم المفكرين في الفيزياء النظرية، وهو في ذلك يقف في صف واحد مع أينشتين ونيوتن وجاليليو. وهو إنسان فريد في إرادته وعزيمته، فقد أصيب وهو في العشرين من عمره بمرض العصبون الحركي الذي يؤدي إلى ضمور مطرد في الاعصاب والعضلات فأصبحت كل اطرافه عاجزة عن الحركة، كما اصبح عاجزا عن الكلام بسبب بعض المضاعفات، وهكذا فان جسده تحول إلى مخ صرف يتركز فيه نشاطه الوحيد. وهو يقول ساخرا ان من حسن حظه ان مهنته كفيزيائي نظري لا تتطلب منه الا هذا المخ النشط. وقد جهز له كرسي متحرك خاص مزود بالكهرباء وبحاسب آلي يستخدمه في الكتابة والكلام.
اصدر هوكنج في 1988 كتابه (تاريخ موجز للزمان) ، الذي شرفت بترجمته إلى العربية، والذي ظل لسنوات عديدة على رأس قائمة احسن الكتب مبيعا. وقد سرد فيه تاريخا موجزا لاهم علامات الطريق في علم الفيزياء مما انجزه علماء الجاذبية مثل جاليليو ونيوتن وأينشتين وعلماء ميكانيكا مثل ماكس بلانك وهايزنبرج وفينمان، ثم عرض هوكنج في كتابه احدث افكار الفيزياء النظرية عن نشأة الكون، مثل نظرية الانفجار الكبير والثقوب السوداء والأوتار الفائقة. ورسخ هذا الكتاب مكانة هوكنج وقيمته علميا وثقافيا، واوضح نزعته المغامرة في أفكاره التي يعرضها بوضوح مصحوب ببعض السخرية حتى من نفسه. كما بين اسلوب الكتاب أن هوكنج لديه القدرة على أن يبسط مكانة هوكنج وقيمته علميا وثقافيا، واوضح نزعته المغامرة في أفكاره التي يعرضها بوضوح مصحوب ببعض السخرية حتى من نفسه. كما بين اسلوب الكتاب ان هوكنج لديه القدرة على ان يبسط أعقد مشاكل الفيزياء بضرب أمثلة مألوفة من الحياة اليومية.
ألف هوكنج بعدها في 2002 كتابه الحالي وعنوانه "الكون في قشرة جوز"، وهو بهذا العنوان لا يقصد المعنى المجازي فحسب، بأنه سيقدم الكون في كتابه في عرض ميسر حتى لغير المتخصصين وكأنه في سهولة تناول قشرة جوز، وانما يقصد ايضا المعنى الحرفي للتشبيه، حيث ان الكون يبدأ، بالفعل، وفي شكل كرية مفلطحة في اجزاء منها، تشبه قشرة الجوز في حجمها وشكلها. و هو في هذا الكتاب السخي بالافكار والصور الايضاحية يكشف للقارئ عن المبادئ الاساسية التي تحكم الكون وما فيه من القوى الاساسية، اي القوى الكهرومغناطيسية والنووية والجذبوية، ويبين لنا انه كثيرا ما تبدو الحقائق العلمية أكثر غرابة وتشويقا من روايات الخيال العلمي.
يتناول الكتاب اسرار احدث الانفجارات العلمية التي تمت في الفيزياء النظرية بعد صدور كتاب هوكنج (تاريخ موجز للزمان). ويطوف بنا هوكنج في رحلة ممتعة يقوم فيها بدور الدليل، ويبدأ بتمهيد عن نظريات أوائل القرن العشرين التي مازالت لها كل الاهمية، اي نظريات النسبية الخاصة والعامة وميكانيكا الكم، ثم يصل بأسلوبه وأمثلته الشائقة إلى الجاذبية الفائقة والابعاد المتعددة التي تزيد عن ابعاد كون الزمان الاربعة، ثم نظريات الأوتار الفائقة ونظرية. ام، لينتهي إلى نظرية (البرانات) الحديثة، اخر ما وصلت إليه حدود العلم في تسعينيات القرن الماضي. وهي نظرية لو ثبتت صحتها لامكن ان تحل الكثير من مشاكل النموذج الاساسي في الفيزياء، وهو نظرية الانفجار الكبير، حيث الثقوب السوداء لم تعد كاملة السواد، وانما هي تشع وتتبخر لتتلاشى، وحيث ينشأ الكون من بذرة حجمها وشكلها كثمرة جوز.
يقول المؤلف هوكنج ان كتابه الكون في قشرة جوز اشبه بالشجرة، فيشكل الفصل الأول والثاني جذع الشجرة المركزي الذي تتفرع منه الفصول الأخرى وهذه الفروع مستقلة إلى حد كبير احدها عن الآخر، ويمكن تناولها بأي ترتيب بعد الجذع المركزي، وهي تقابل مجالات بحثت فيها أو فكرت في شأنها بعد نشر (تاريخ موجز للزمان). وبالتالي، فهي تمثل صورة لبعض من انشط المجالات في الابحاث الحالية. كما حاولت ايضا في كل فصل ان أتجنب البنية الخطية الواحدة. فهناك صور توضيحية توفر، هي وتعليقاتها، طريقا اخر بديلا للنص، كما في كتاب (تاريخ موجز مصور للزمان)، الذي نشر في 1996، كما ان مربعات الشرح أو الهوامش الجانبية تتيح الفرصة لمزيد من التعمق في موضوعات معينة بتفصيل اكثر مما يمكن في النص الاساسي.
وهكذا فان كتاب (الكون في قشرة جوز) كتاب يهم كل من يريد فهم الكون الذي نعيش فيه، وهو يتيح للقارئ غير المتخصص ان يلم بأحدث التطورات في مجال علم الفيزياء الذي يقود الان كل التقدم العلمي في العالم. والكتاب ينقل للقارئ ايضا الاثارة والابتهاج نفسيهما اللذين يشعر بهما العلماء عندما تنكشف لهم اسرار الكون.