ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - البراهين الجلية
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-05-2016, 02:38
الصورة الرمزية عمر الريسوني
عمر الريسوني
غير متواجد
فيزيائي نشط
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
الدولة: المملكة المغربية
المشاركات: 73
افتراضي البراهين الجلية

الحمد لله رب العالمين


كان الاعتقاد السائد في الأوساط العلمية حتى أمد قصير أن مكونات هذا الخلق عبثية ولا تمت بصلة الى حقيقة تفسر كل شيء فاذا بالأوساط العلمية تصاب بالارباك والذهول بعد الطفرة العلمية في علوم ميكانيكا الكم التي تفرعت عن علم الفيزياء والتي تنبئ عن أن هناك روحانية تسري في كل الأشياء المخلوقة جامعة لها وتفسر بذلك كل الحقائق والأسئلة المطروحة وتضفي الايمان واليقين بأن لهذا الوجود خالق عليم حكيم يدبر أمره بحكمته المتعالية فالمجتمع البشري أصبح قاب قوسين أو أدنى أن يعترف ويقر بالرحمة المهداة للعالمين فكتاب الله تعالى أخبرنا أن خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس وهذه حقيقة عظيمة لم تتبين للناس الا في أوانها فيقر الناس جميعا أنه الحق من ربهم وتطمئن نفوسهم ويوقنوا بربهم ، فالزوجية المتجلية في كل شيء حتى ما دون الجزيئيات وفي كيان كل مخلوق تشهد بإفراد الوحدانية للخالق ، فالله تعالى خلق من كل شيء زوجين حتى في أقصى تراكيب الذرة وما دونها وفي ذلك سر من الأسرار عاكس لنور المكوِّن في دلالة على تفرد الخالق سبحانه بإفراد الوحدانية وكمال الأحدية له وحده، وإضفاء صفة الزوجية على كل ما سواه، حتى يشكل الكون مرجعًا تجريبيًّا لتأسيس النماذج التفسيرية الموصلة إلى فهم حقيقة الوجود، فكان من أجل ذلك أن خُتمت الآية بقوله تعالى: (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (الذاريات:49) من قوله تعالى في محكم كتابه العزيز ( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ) الذاريات ، فأصل حقائق ظهور الأشياء مستمدة من أنوارالعليم الحكيم الذي خلق وقدر وأعطى كل شيء خلقه ثم هدى برحمة منه ويسر أنوار رحماتها لعباده ، فمن يتأمل قوانين العالم الكمي تتضح له هذه المعالم الرهيبة بجلال علوم الواهب الخالق كلما تفكر العبد في هذا الخلق المحكم الذي يعد بحق آية بديعة من صنع الله ، فلا تفاوت فيما خص به الله مكنون خلقه ولا فطور في صفاته ومنظوماته وأدنى جزيئاته ، فالحقيقةُ في العلمِ: تتمحورُ حولَ ما هو مادّي؛ والحقيقةُ في الدّين: تتمحورُ حولَ ما هو روحي.
من النّاحية الوجوديّة: العلمُ لا يقول إلّا بما هو ملموسٌ أو يخضعُ للقياسِ، والدّين يقولُ باللاملموس واللامقاس. (فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون ) الآية
مِنَ النّاحيةِ المعرفيّة: العلمُ لا يقول إلّا بما يخضعُ للمنطقِ الوضعيّ (الموضوعيّ)، والدّينُ يقول بما يُمكن أن يكون ذاتيًّا أو غير وضعيٍّ (موضوعيٍّ) كالوَحي. وهذا يعني: أنّ هُناك ما يُمكن وصفه بـ (الفجوة الوجومعرفيّة) بينهما. واستنادًا إلى هذا، نستنتجُ ما يأتي:
العلمُ يُفسّرُ بالمعطياتِ العلميّةِ ولا شيء غيرها؛ لأنّهُ دائرةٌ مغلقةٌ على نفسها.
الدّينٌ يُفسّرُ بالمعطياتِ الدّينيّةِ ولا شيء غيرها؛ لأنّهُ دائرةٌ مغلقةٌ على نفسها. ، فنحن أمام آفاق علمية شاسعة خصوصا مع اكتشافات لها عمق عصي عن الفهم والادراك وكمثال دقيق نجد أن النيوترينو وهو أكثر الجسيمات تحت الذرية إثارة بالنسبة لعلماء الفيزياء الذرية و ذلك لكونه أكثرها مراوغة و غموضاً إذ من الصعب العثور عليه أو تطويقه و هو عصي تماماً على الإمساك به و تعجز كل المواد عن صده أو امتصاصه كما أنه متعادل كهربائياً و يستمتع بتبديل هيئته فله ثلاث هيئات يتنقل بينها و هو ما يسمى بتذبذب النيوترينو ، لذا فهذه حقائق تجعلنا نفقه مدلول قوله تعالى (وما أوتيتم من العلم الا قليلا ) الآية ، وأهم خلاصة يمكن استنتاجها بخصوص النظرية الكمومية : هي اقترابها من العلم
البرهاني القائم بعلم الله تعالى الذي أجلى لنا كل الحقائق العرفانية من خلال آياته المقروءة في صفحة هذا الكون بطريقة لا تضاهى فهي لا تخضع لأية نسقية أو نظم رياضية معروفة ومع ذلك ترابطاتها وأنساقها وفق مجالاتها المحكمة وأدت الى نظام هائل ، فاذا كانت بعض جزئيات الذرة وما دونها تتخذ
مواصفات محكمة وغاية في العجب ، وهذا ما يجعلنا نتسائل عما يعني ذلك في مصطلح العلم المتعارف عليه ، ولعل هذا السؤال
يجعلنا ندرك بيقين أن العلم الالهي علم لا يضاهى وهو علم أبهى وأجل وما من سبيل لادراكه الا اذا تهذبت المدارك وسارت وفق سبيل سوي من الايمان واليقين ، وسينبهر العلم كلما اقترب من عالم النور والحقيقة ، فهذه الأجسام الهائلة في الصغر أي ما دون الذرة تختفي في أبعاد غير مكتشفة وهي حقا أخفى من السر ويبدو غريبا ومستحيلا على العقل ادراكه ، فالطبيعة المخلوقة لها تكافؤ الضدين مما يجعل الأشياء لها قدرا كبيرا من الحرية تجعلها قادرة على تحقيق تنوع هائل بعلم عظيم مكنون ، فالتفاعلات النووية أدت الى تكوين أزواج لا تحصى ونظائر مختلفة وهي خاضعة لغايات دقيقة مسطرة وفيها من سمات الرحمة والسعة والعلم للخلائق ، وهذه الطفرات هي التي جعلت هذا التنوع الحياتي وهذا الطيف العريض من المخلوقات والأشكال والألوان وهذا التباين الواسع في مكونات الوجود .
رد مع اقتباس