ملتقى الفيزيائيين العرب > قسم المنتديات الفيزيائية الخاصة > منتدى الدروس والنقاشات الفيزيائية بين المعلمين. | ||
التدريس بالنظرية البنائية |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
التدريس بالنظرية البنائية
تعتمد المناهج الجديدة في التعليم العام على النظرية البنائية كطريقة للتعلم وخاصة للرياضيات والعلوم الطبيعية ، فقد تعودنا منذ أن كنا نتعلم في المدارس وفي الجامعة على النظرية السلوكية فهي التي كانت مسيطرة في ذلك الوقت لكن الآن تغير الزمن وظهرت نظريات للتعلم أهمها النظرية البنائية . فقد رأينا جميعاً تغير مناهج العلوم والرياضيات في مراحلنا التعليمية في المملكة العربية السعودية وهذا التوجه الجديد في تدريس العلوم والرياضيات في جميع بلدان العالم والذي بدأ تقريباً من التسعينات الميلادية . فيجب علينا أن نغير طريقتنا في التدريس وننتقل من طرق الإلقاء والمناقشات وغيرها والتي لا تُجدي نفعاً مع هذه المناهج فقد حاول أغلبنا أن يطبق ما كنا نعمله في المناهج السابقة على هذه المناهج المتطورة فوجدنا صعوبات في تقبل الطلاب لهذهالطرق وكذلك لم تُقنعنا هذه الطرق كأداة فعالة في تدريس هذه المناهج وأنا واحد منكم فطريقة هذه المناهج وطرحها للمعلومات مختلفة عن السابق وقد نجد في الدرس معلومات كثيرة جداً على الطلاب فوقعنا في حيرةِ من أمرنا أيها المهم وأيها الأهم ؟؟ هذا مجرد رأي لي فقد . |
#2
|
|||
|
|||
رد: التدريس بالنظرية البنائية
التدريس البنائي والتعلم لورا انريكوس جامعة ولاية كاليفورنيا ، لونج بيتش أوجه البنائية حظي فلاسفة وعلماء نفس القرن التاسع عشر والذين جاءوا من بعدهم في أوائل القرن العشرين بشرف تأسيس الحركة البنائية. البنائية هي نظرية تعلم تشكل جزء رئيس من البحث في المفاهيم الخاطئة (misconceptions) أو الأطر البديلة (alternative frameworks) لدى الطلاب. وتستند النظرية على الاعتقاد أن المعرفة تبنى من قبل الدارسين كنتيجة لتفاعلاتهم مع العالم من حولهم في وسط أو قالب اجتماعي يتأثر بمعرفتهم وخبراتهم السابقة. "البنائيون يدركون دور التقبل (assimilation)، والتكيف (accommodation) واختلال التوازن (disequilibrium) ولكنهم يركزون بصورة أكبر على دور المعرفة المسبقة (prior knowledge) مقارنة بمؤيدين بياجية. ويوضح البنائيون أن البنى المعرفية السابقة تعمل كمصافي وميسر للأفكار والخبرات الجديدة وهي نفسها البنى المعرفية يمكنها أن تتحول (transformed) أثناء التعلم". البنائية هي نظرية تعلم وليست أسلوب تدريس أو توجيه. يمكن أن يدرّس المدرسون بطرق تعرف "بالبنائية" عندما يكونوا مدركين لها ويدرسون بطريقة تتوافق مع كيفية تعلم الطلاب. تستلزم طرق التدريس المتوافقة مع كيفية التعلم إستراتيجيات مختلفة عن تلك التي تتبع غالباً في الفصول الدراسية. والطريقة الوحيدة لكي يتعلم المدرسون كيفية التدريس بالطريقة البنائية هي أن يتعلموا بالطريقة البنائية. ويأتي على غرار إستراتيجيات التدريس البنائية الاعتقاد بأن الطلاب يشيدون أو يبنون معرفتهم بأنفسهم. وهذا ليس موقفاً جدلياً وأغلب المثقفين موافقون على فكرة البنائية. عندما يبدأ الطلاب وحتى الأطفال الصغار درس العلوم يكون لديهم أفكار مبدئية أولية لتفسير "الظاهرة" التي يلاحظونها. وعليه عندما تقع الأحداث كما توقعها الطالب يتم تقبلها في بنائه المعرفي الموجود مسبقا، ولكن عندما تقع أحداث غير متوقعة يجب أن يتكيف الطلاب مع التناقض بإعادة بناء العلاقات في بنائهم المعرفي. يعرف التقبل (assimilation) عادةً بنمو المفاهيم (conceptual growth) بينما يعرف التكيف (accommodation) بتغيير المفاهيم (conceptual change). ووفقاً لأبليتون (1993م) هناك أربعة مخرجات ممكنة عند مصادفة الطالب لظاهرة علمية جديدة. إذا كانت المعلومات الجديدة متوافقة مع الأفكار الموجودة لدى الطالب مسبقا نجد أن الطالب يتقبل هذه المعلومات الجديدة. وبهذه الطريقة فإن الأفكار الموجودة سيتم تدعيمها سواءً كانت هذه الأفكار صحيحة أو خاطئة، ولكن قد يجد الطالب أن المعلومات الجديدة غير متوافقة مع المعلومات الموجودة لديه، وفي هذه الحالة تحدث حالة نزاع عقلاني لدى الطالب. ويحدث واحد من النتائج الثلاث التالية، الأولى: يمكن أن يجد الطالب أن أفكاره الموجودة ليست مناسبة ويجب أن يعاد تركيبها أو تشكيلها. وبهذه الطريقة يجري الطالب عملية "التكيف" (accommodation) بتكوين شبكة معرفية جديدة لأفكاره. ثانياً: قد لا يقوم الطالب بإعادة بناء أفكاره الحالية، ولكن بدلاً من ذلك ينتظر الإجابة "الصحيحة" حيث تعود الطلاب أن ينتظروا ويتقبلوا من السلطة (النص في الكتاب أو المدرس أو أحد الوالدين) إعطائهم المعلومات الصحيحة، ويتم تذكر الإجابة الصحيحة واسترجاعها بسرعة في بيئة مشابه (كالمدرسة) ولكن ليس من المحتمل تذكرها والوصول إليها في بيئات أخرى. الإمكانية الأخيرة هي في حالة أن الطلاب يرون أن أفكارهم الموجودة غير فعالة ولكنهم يرفضون بذل الجهد للتكيف أو انتظار الإجابة الصحيحة. ربما كان لديهم الكثير من التجارب الفاشلة في العلوم لذا اختاروا ألا يتعلموا كبديل. التدريس والتعلم في بيئة بنائية تتطلبان أن يتخذ الطلاب والمدرسين أدوار مختلفة. وتحديدا تعتمد هذه الأدوار على نموذج محدد أو تفسير مرغوب للبنائية. تم تحديد أوجه كثيرة للتدريس والتعلم كطرق بنائية. توضح هذه المراجعة الأدبية باختصار أربعة أوجه (أساليب): معالجة المعلومات (Information Processing)، البنائية الفعالة (Interactive-Constructivist)، البنائية الاجتماعية (Social Constructivist) والبنائية المتطرفة (Radical Constructivist). هذه الأربعة أوجه تتناسب مع المقياس المتصل لتفسيرات البنائية المرتكزة على تناقص دور المعلم وزيادة أو تفعيل دور المتعلم. كل تفسير ينظر إلى "البنائية" من خلال عدساته الخاصة. البنائية الفعالة Interactive-Constructivist: يدعي البنائيون الفعالون أن للتعلم مكونين: مكون خاص (private components) ومكون عام (public components) وهذه النظرة مشتركة عند الكثيرين منهم. تقترح هذه النظرة أن الطلاب يكونون معرفتهم ويتعلمون عندما يستطيعون التفاعل مع العالم الطبيعي والأشخاص من حولهم ـ وهذا هو المكون العام. ويتكون المعنى عندما يعلق (يعقب) الطلاب على تفاعلاتهم ويمنطقونها ـ وهذا هو المكون الخاص. فقط عندما يكون لدى الطلاب الوقت للمرحلتين (المكونين) معاً المرحلة الخاصة (المكون الخاص) والمرحلة العامة (المكون العام) للتعلم يصبح بمقدورهم التوفيق بين أفكارهم السابقة وخبراتهم الجديدة. تتمتع البنائية الفعالة بالخصائص التالية: •التوافق بين المخرجات، والتدريس (التوجيه)، والمصادر والتقييم (التقدير)؛ •مخرجات تغيير المفاهيم، نمو المفاهيم، واستراتيجيات التعلم ما وراء المعرفية (metacognitive strategic learning)؛ •لا يستبعد التوجيه المباشر المتضمن في سياق طبيعي وفقا للحاجة؛ •يدعم الأفكار الكبيرة (big ideas)، الثقافة العلمية (science literacy) والعادات العقلية التي يحتاجها العقل لبلوغ المعرفة العلمية؛ •يتطلب قدرة الطلاب على: تكوين البنى المعرفية، التفكير النقدي، تواصل بنياتهم المعرفية وإقناع الآخرين بقيمتها أو فائدتها؛ •تشمل البحث الموجه (guided inquiry)، دورات التعلم (learning cycles)، تغيير المفاهيم (conceptual change)، والوسائل المنتجة (generative approaches)؛ •التدريس يتضمن: التقدير (accessing)، والمشاركة (engaging)، التجريب (experiencing)/ الاكتشاف (exploring)، التبرير(justifying)/ المنطقية (rationalizing)، التماسك (consolidating)/ توحد القديم والجديد (integrating old and new)، وتطبيق المعرفة. بينما يتدرج الطلاب خلال المراحل العقلية المتعددة يجب على المدرسين أن يستخدموا إستراتيجيات معينة في فصول البنائية الفعالة الدراسية. تشمل المراحل المقترحة: إيجاد ما يعرفه الطلاب مسبقاً عن الموضوع تحت البحث، يضع أهداف معرفية/ سلوكية محددة للمتعلمين، فهم كيفية تدرج الطلاب خلال المراحل المتعددة، إشراك الطلاب في الخبرات المتعددة التي تتحدى أفكارهم، تمنح الطلاب الوقت لتجربة الظاهرة من عدة أوجه، تطبيق الأفكار الجديدة، التعليق (التعقيب) على التعلم (reflection on learning). لا يتخذ المدرس الدور التقليدي - دور الخبير - ويلقن الطلاب ما يحتاجون معرفته. بدلاً من ذلك يعمل المدرس كدليل أو ميسِّر للتعلم. مقارنة صراف البنك مع حراثة الأرض توضح الاختلاف بين الطريقة التقليدية للتدريس والطريقة البنائية الفعالة. نموذج صراف البنك (bank teller) يوضح كيف يعطي المدرس التقليدي المعلومات للطلاب. نموذج الفلاح - حراثة الأرض - (farmer tilling) تمثل طريقة البنائية الفعالة. فالمدرسون الذين يحرثون بدلاً من أن يقولوا (يعطوا) يتأكدوا أن عقول الطلاب جاهزة لبذور المعرفة التي سوف تزرع، ويقومون بتخصيب عقول طلابهم من خلال الأنشطة والخبرات التي يقدمونها. ولكن النمو الفعلي وتكوين المعنى يراجع في النهاية للطالب. يسأل المدرس الأسئلة ليتحقق بدقة عن مدى فهم الطلاب ويتحدى أفكارهم. الطلاب لديهم أفكار مختلفة بحاجة إلى اختبار وهذا يشكل مجموعات متعددة تقوم بتجربة أشياء مختلفة. وبرغم أن المدرس يشجع الطلاب للمضي في تحقيق الهدف ويشغلهم بأنشطة إلا أن الطلاب هم الذين يناضلوا ويعيدوا التفكير في المعلومات الحسية التي تأتي من التجارب، الصور، والمواد المطبوعة، والنقاشات لتكوين المعنى. ولا يمكن للمدرس أن يعطي المعنى للطالب نتيجةً لاحتمال حدوث فروق في الفهم بين الأفراد في نفس المجموعة أو مجتمع الطلبة. الطلاب في فصول البنائية الفعالة يدركون سيطرة المعلم في توجيه الفصل وبرغم أن أفكارهم الأولية عن الموضوع الذي يقدم تشكل نقطة الانطلاق للتدريس (التوجيه) إلا أن الأفكار المنبثقة والفهم العلمي هو الذي يقود الدروس. تحافظ إستراتيجيات التدريس المستخدمة داخل الفصل في المحافظة على مركزية أفكار الطلاب وأصواتهم. يصقل مدرس البنائية الفعالة المعرفة من خلال مساعدة الطلاب على تكوين المعنى بأنفسهم بدلاً من إخبارهم عما يريدون معرفته. يقوم المدرس بتحفيز وتوجيه النقاشات العامة لتوضيح الأفكار ودعم المفاوضات الخاصة للتأكيد على تكامل الأفكار داخل شبكة المفاهيم الطلابية. يحث المدرس ويشجع تكوين المعنى لدى الطلاب في الذاكرة القصيرة المدى وتخزين المعرفة في الذاكرة طويلة المدى باستخدام إستراتيجيات بنائية متكاملة. |
#3
|
|||
|
|||
رد: التدريس بالنظرية البنائية
• البنائية كمفهوم ظهرت قديماً ولعبت دوراً في العلوم الطبيعية ، إلا أن الالتفات لها كمنهج للتطبيق في كافة العلوم لم يتبلور إلا في عصرنا الحديث ، وكان أحدث مجال غزته البنائية هو مجال التربية ، حيث برزت فيه بثوب جديد يتمثل في التطبيق العملي والاستراتيجيات التدريسية التي تهدف إلى بناء المعرفة لدى المتعلم . • تشتق كلمة البنائية Constructivism من البناء Construction أو البنية Structure، والتي هي مشتقة من الأصل اللاتيني Sturere بمعنى الطريقة التي يقام بها مبنى ما (فضل،1985،ص175) . • وفي اللغة العربية تعني كلمة بنية ما هو أصيل وجوهري وثابت لا يتبدل بتبدل الأوضاع والكيفيات (ناصر،2001،ص420) . • ويعرف فضل (1985،ص176) البنية بأنها " كل مكون من ظواهر متماسكة ، يتوقف كل منها على ما عداه ، ولا يمكنه أن يكون هو إلا بفضل علاقته بما عداه " . • .وبناءً على ذلك يرى البنائيون أن كل ما في الوجود ( بما في ذلك الإنسان ) هو عبارة عن بناء متكامل يضم عدة أبنية جزئية بينها علاقات محددة ، وهذه الأبنية الجزئية لا قيمة لها في حد ذاتها بل قيمتها في العلاقة التي تربطها بعضها ببعض والتي تجمعها في ترتيب يؤلف نظاماً محدداً يعطي للبناء الكلي قيمته ووظيفته (ناصر،2001) . • ويعرفها المعجم الدولي للتربية ( 1977 ) International Dictionary of Education ، بأنها: رؤية في نظرية التعلم ونمو الطفل، قوامها أن الطفل يكون نشطاً في بناء أنماط التفكير لديه، نتيجة تفاعل قدراته الفطرية مع الخبرة. وبتعبير فلسفي فإن البنائية تمثل تفاعلاً أو لقاء بين كل من التجريبية Empiricism والجبلية Notivism (زيتون، و زيتون، 1992 : 1 ) . • ويعرفها سيجل ( Sigle ) بأنها : عملية البناء المعرفي التي تتم من خلال تفاعل الفرد مع ما حوله من أشياء وأشخاص؛ وفي أثناء هذه العملية يبنى الفرد مفاهيم معينة عن طبيعته؛ ولذلك يوجه سلوكياته مع كل ما يحيط به من أشياء وأشخاص وأحداث . • وظهرت البنائية " كمنهج " للتفكير منذ زمن بعيد ، عندما أحدث ديكارت (1596-1650) نقلة في دراسة العلوم الطبيعية بتطبيق النموذج الرياضي على الظواهر الطبيعية ، فيعد ذلك العلم الحديث بنائياً لأنه استهدف الاهتداء إلى " البناء " الكامن وراء الظواهر الطبيعية والتعبير عن هذا البناء بلغة رياضية (زكريا،1980) ، كما تحدث الفيلسوف الإيطالي جيامبتسا فيكو (1668-1744) عن بناء المعرفة حين عبر عن فكرة أن عقل الإنسان يبني المعرفة بقوله : " إن الإله يعرف العالم لأنه هو الذي خلقه ، وما يستطيع الكائن البشري أن يعرفه هو ما صنعه بنفسه فقط " فكانت هذه العبارة أول بيان رسمي للبنائية ، ثم كتب إيمانويل كانط (1724-1804) في كتابه " نقد العقل الخالص " يقول : يستطيع العقل الإنساني أن يفهم فقط ما أنتجه هو نفسه وفقاً لخططه الخاصة به " (فون جلاسرسفيلد،2001،ص198) وهكذا يظهر أن البنائية باعتبارها " مذهباً " فلسفياً ظهرت عند كانط ، فالبنائية - مثل فلسفة كانط – تبحث عن الأساس الشامل اللازماني الذي ترتكز عليه مظاهر الحياة ، وتُعمل العقل في سبيل ذلك ، وتثق به أكثر من الحواس . فهي – مثل فلسفة كانط – تترفع عن النظرة التجريبية ، وتؤكد أن تقدم المعرفة لا يتم عن طريق وقائع تجريبية ، بقدر ما يتم عن طريق إعادة النظر في بناء ظواهر موجودة بالفعل ولكنها تتخذ مظهراً جديداً في كل عصر . والفرق بين فلسفة كانط والبنائية أن كانط كان يركز على العلوم الرياضية والطبيعية ، بينما يركز البنائيون على العلوم الإنسانية والاجتماعية (زكريا،1980) • ولاقت البنائية اهتماماً كبيراً في النصف الثاني من القرن الماضي ، حيث ظهرت كردة فعل على الوجودية التي انبعثت من جوف الحروب العالمية لتبحث مشكلة الحرية وعلاقتها بالمسئولية والقلق والتمرد ، وتصل إلى عزلة الإنسان وانفصامه عن واقعه والعالم الذي يعيش فيه وشعوره بالإحباط والضياع والعبثية من جراء الحروب (الرويلي والبازعي،1995) ، أما وقد تغيرت ظروف أوروبا وعادت إلى السعي والبناء والتعمير شعر المجتمع الأوروبي بالحاجة إلى اتجاهات فكرية جديدة مفتوحة غير مغلقة،مرنة غير جامدة،تساعد على البناء وتساير التقدمية (ناصر،2001) فظهرت الأصوات التي تنادي بالنظام الكلي المتكامل والمتناسق الذي يوحد العلوم ويربطها بعضها ببعض . من هنا جاءت البنائية كمنهجية شاملة توحد جميع العلوم في نظام إيماني جديد من شانه أن يفسر الظواهر الإنسانية كلها بشكل علمي ، وارتكزت مرتكزاً معرفياً يؤكد على كون العالم حقيقة واقعة يمكن إدراكها ، ولذا توجهت البنائية توجهاً شمولياً إدماجياً ينظر للعالم بأكمله بما فيه الإنسان(الرويلي والبازعي،1995). • وقد كان علم اللغة الأرض الخصبة التي نما فيها المنهج البنائي وترعرع ، حيث درس علماء اللغة وعلى رأسهم العالم السويسري " فرديناند دي سوسير " ، عناصر اللغة والسمات المميزة لعلاقاتها بوصفها أنساقاً لا علاقة لها بالعالم الذي تعبر عنه . ونجاح اللغويات كعلم إنساني في بلوغ مرتبة العلم المنضبط كان عاملاً مشجعاً للباحثين في الميادين الإنسانية والاجتماعية الأخرى على الاقتداء بهذا العلم الناجح في منهجه . وهكذا انتقلت البنائية من اللغويات إلى الانثربولوجيا على يد العالم البنائي " كلود ليفي ستراوش " الذي نقل علم الانثربولوجيا إلى ميدان العلوم المنضبطة (زكريا،1980) . • ثم تتابع انتقال البنائية إلى ميادين وعلوم أخرى ، حيث كان " جاك لاكان " رائد البنائية في التحليل النفسي ، و " رولان بارت " في النقد الأدبي ، و " ميشيل فوكو " في الفلسفة ، وأخيراً " جان بياجيه " من خلال نظريته البنائية في المعرفة ، والتي كان لها الدور الأكبر في انتقال البنائية إلى ميدان التربية .. • و تؤكد ذلك سلطانة الفالح (2003م ، ص85) بأن النظرية البنائية الحديثة قد ظهرت منذ أكثر من عشرين عاماً، وسادت بالتدريج الأفكار البنائية وانتشرت، وأدى ذلك إلى تطبيق هذه الأفكار في مجال تدريس العلوم ؛ لذا تعتقد طائفة كبيرة من التربويين في عالمنا المعاصر في فكرة أن المعرفة يتم بناؤها في عقل المتعلم بواسطة المتعلم ذاته. حيث تمثل هذه الفكرة محور النظرية البنائية ، في حين يرى صـادق (2003م : 155) أن النظرية البنائية ظهرت كنظرية بارزة للتعلم في العقد الماضي نتيجة لأعمال ديوي Dewey ، وبياجيه Piaget ، وبرونر Bruner ، وفيجوتسكي Vygotsky ، الذين قدموا سوابق تاريخية للنظرية البنائية والتي تمثل نموذج للانتقال من التربية التي تستند على النظرية السلوكية إلى التربية التي تستند على النظرية المعرفية . • وقد ظهرت البنائية الحديثة حديثاً في أواخر القرن الماضي، حيث تؤكد ذلـك منى سعـودي (1998م : 779 - 784 ) بقولها " إن البنائية الحديثة قد ظهرت منذ أكثر من عشرين سنة على يد مجموعة من الباحثين أمثال: أرنست Arnest ، فون جلاسرسفيلد Von Glassersfel، ليس ستيف Lees Steaf ، نيلسون جودمان Nelson Goodman . وبالتدريج سادت الأفكار البنائية، وانتشرت إلى أن تم تعديل للنموذج البنائي في صورته الحديثة القائم على البنائية الحديثة بواسطة سوزان لوك هورسلي (1990م) Susan Loucks Horsley ، وتعتبر الفلسفة البنائية من الفلسفات الحديثة التي يشتق منها عدة طرق تدريسية متنوعة ، وتقوم عليها عدة نماذج تعليمية متنوعة ، وتهتم الفلسفة البنائية بنمط بناء المعرفة وخطوات اكتسابها. • والبنائية في رأي كثير من أهل الرأي هي المقابل العربي لمصطلح في الإنجليزية هو Constructivism، ويلتبس هذا المصطلح في أذهان بعض الناس بنظرية أخرى هي البنيوية Structuralism وهي نظرية مغايرة للبنائية في النشأة، وفي المغزى، وفي التضمينات والتطبيقات |
#4
|
|||
|
|||
رد: التدريس بالنظرية البنائية
• وتقوم البنائية على افتراضين أساسيين هما: الافتراض الأول إن المعرفة لا تكتسب بطريقة سلبية نقلاً عن الآخرين، ولكن يتم بناؤها بطريقة نشيطة من خلال الفرد الواعي كون الأفكار والمعتقدات لا تنتقل إلى عقولنا عن طريق إرسالها من الآخرين كما لو كانت طرداً بريدياً مرسلاً من قبل فرد لآخر. وبالتالي فإنه لا ينبغي لنا أن نضع الأفكار في عقول التلاميذ، وإنما يجب أن يبنوا معانيهم بأنفسهم . فالاتصال الذي نجريه مع الآخرين لا يؤدي إلى انتقال أفكارنا إليهم بنفس المعنى الموجود في عقولنا، بل إن تعبيراتنا يمكن أن تثير مضامين مختلفة لدى كل فرد من التلاميذ . (ويتلي Wheatly ، 1991: 11 ) . ولذلك فإن البنائيين ينكرون مبدأ نقل المعرفة ( Knowledge Transmission )، باعتبارها أداة و مصدراً لاكتسابها، خاصة المنظر الكبير فون جلاسر سفيلد، وذلك "بقوله: " لا يوجد سبيل أمام منظري البنائية لنقل المعرفة ، فكل فرد عليه أن يبنيها بنفسه لأن الكائن المعرفي يفسر الخبرة وبتفسيره هذا لها يشكل عالما منتظما " ٍstructured Word " ( زيتون ، وزيتون 1992 : 91 ) وهذا هو الافتراض الرئيسي الذي يتبناه كل البنائيين، وهو يهدف عموماً إلى خلق تراكيب معرفية تناسب العالم التجريبي. الافتراض الثاني للمعرفة : إن وظيفة العملية المعرفية ( Cognition Process ) هي التكيف ( Adaptive ) مع تنظيم العالم التجريبي تنظيم العالم التجريبي وخدمته، وليس اكتشاف الحقيقة الوجودية المطلقة Experiential World . فالبنائيون يرون أن وظيفة المعرفة أو صحة المعرفة لا تنبع من كونها تطابق الحقيقة الوجودية، بل في كونها نفعية Viable، وتكون على ذلك النحو عندما تساعد الفرد في تفسير ما يمر به من خبرات حياتية . فالفرد لا يمكن أن يدرك ويكون فهما للأشياء وللمعرفة الجديدة إلا عندما تكون المعرفة المسبقة ملائمة للمعرفة الجديدة، ولا يستطيع أن يقول إن إدراكه للحقيقة هي ما يطابق الواقع فعل.اً فهو يعتمد على معرفته المسبقة ليفسر التجربة التي يتعرض لها، فيبني معرفة تناسبها؛ وقد تكون هذه المعرفة عرضة للخطأ؛ ولا يمكن للفرد أن يكون متأكداً من تطابق المعرفة للواقع. و بدلا من ذلك فإن المعرفة هي تفسير ذو معنى لخبرات الشخص الفردية. وكلمة ذو معنى تعني أن التفسير يكون خارجيا محدوداً بالخبرة، وداخليا بما لديه من بنية معرفية سابقة. (كوبرن، Cobern ، 1996: 303). • والبنائية من المذاهب الفكرية التي برزت في العصر الحديث ، وشكلت ثورة في الدراسات الإنسانية والاجتماعية ، وطرق التعامل مع المعرفة ، امتد أثرها بشكل بارز إلى ميدان التربية لتصبح منهجاً ونشاطاً تربوياً يمارس من قبل الطالب بشكل خاص للوصول إلى المعرفة . • وتعد المدرسة البنائية من أكثر المداخل التربوية التي ينادي بها التربيون في العصر الحديث، وهي تتداخل مع الإدراكية في كثير من النقاط إلا أنها تتميز عنها بتأكيدها على توظيف التعلم من خلال السياق الحقيقي، والتركيز على أهمية البعد الاجتماعي في إحداث التعلم. والمدرسة البنائية لها أكثر من منظور في التعلم وهي بشكل عام تؤكد على أن الفرد يفسر المعلومات والعالم من حوله بناء على رؤيته الشخصية، وان التعلم يتم من خلال الملاحظة والمعالجة والتفسير أو التأويل ومن ثم يتم الموائمة أو التكييف للمعلومات بناء على البنية المعرفية لدى الفرد، وان تعلم الفرد يتم عندما يكون في سياقات حقيقية واقعيه وتطبيقات مباشره لتحقيق المعاني لديه. (Anderson and Elloumi, 2004) • وللبنائية في التعلم أوجه متعددة، حيث أكدت أعمال بياجيه (Piaget,1960) وبرونر (Bruner ,1990) على فكرة انه ما يحصل في العقل يجب أن يكون قد تم بنائه بالفرد عن طريق المعرفة بالاكتشاف، مع التركيز على عملية التمثيل assimilation والتكييف accommodation للمعرفة، ويكون الإحساس بالمعنى متلازم مع التفسير الذاتي للفرد. • بينما يؤكد ديوي Dewey على أن المعرفة تتم من خلال النشاط والخبرة وفي ربط الأشياء والتي يتم فيها التفاعل مع البيئة بما فيها الشق الاجتماعي، والتعلم عملية نشطة للبناء وليست اكتساب للمعرفة، وان المعرفة لا تقتصر على الحالة العقلية mental state بل تتجاوز ذلك إلى الخبرة في علاقات الأشياء ببعضها وليس لها معنى خارج هذه العلاقات (Dewey, 1910/1981, p. 185). وفي منظور آخر يقدم فيجوتسكي Vygotsky التعلم البنائي الاجتماعي Social constructivism والتي يؤكد فيها على السياق الثقافي والاجتماعي للتأثير على التعلم من خلال تفاعل الأطفال مع اقرأنهم والآباء والمعلمين في التطوير الإدراكي cognitive development، • ويرى هانج Hung أن البنائية تركز على التالي: - التعلم هو عملية بنائية نشطة ولا تتم عبر اكتساب سلبي للمعرفة. - يمكن أن تبنى المعرفة في سياق اجتماعي. - أن تفسير المعرفة يعتمد على عاملين وهما المعرفة والاعتقادات السابقة في الذاكرة. وعلى السياق الثقافي والاجتماعي الذي تبنى من خلاله (Hunge, 2001, 283) . • النظرية البنائية هي نظرية تهتم بالعمليات المعرفية الداخلية للمتعلم وتهيئ بيئة التعلم لتجعل الطالب يبني معرفته بنفسه خلال مروره بخبرات كثيرة تؤدي إلى بناء المعرفة الذاتية في عقله ، أي أن نمط المعرفة يعتمد على الشخص ذاته ، فما يتعلمه (علي) عن موضوع معين يختلف عن ما يتعلمه (سعيد) عن نفس الموضوع بسبب اختلاف الخبرات التي مر بها كل من (علي وسعيد) وما يمتلكه كل منهما مسبقا عن الموضوع ، وبعد وصول المعلومة للطالب يبدأ يفكر فيها ويصنفها في عقله ويبوبها ويربطها مع مشابهاتها إن وجدت وهكذا إلى أن يصبح ما تعلمه ذا معنى ومغزى وفي هذه اللحظة نقول بأن الطالب تعلم شيئا ، وبالتالي يصبح الطالب أو الفرد قادرا على استخدام هذه المعلومة في حياته أو توليد معرفة جديدة، فيصبح الطلاب منتجين للمعلومة لا مستهلكين لها فحسب • والمتعلم في ضوء البنائية يبني المعرفة بصورة تتسم بالفردية الشديدة معتمدًا علي معارفه الموجودة بالفعل ، ومعتمدًا على خبرات التدريس الرسمية ، ويركز هــذا الاتجاه أيضـًا علي أن التعلم ذا المعني يعتمد علي الخبرة الشخصية ، وأن المعلومة يزداد احتمال اكتسابها والاحتفاظ بها واسترجاعها مستقبلاً إذا كانت مبنية بواسطة المتعلم ومتعلقة به ، ومتمركزة حول خبراته السابقة . • والبنائية تنظر للمتعلمين على أن لهم دوراً فعالاً في بناء معانيهم الخاصة إلى حد ما طالما أن الإفراد يقومون بذلك من منطلق معتقداتهم وخبراتهم الماضية • ويعتبر التعلم وفق البنائية عملية مستمرة غير محدودة وغير مرتكزة على المدرسة كمصدر أساسي للمعرفة. • وتعتبر البنائية أن جميع أنواع المعرفة الجديدة من الضروري بناؤها من خلال المعرفة السابقة . • وتصبح التربية ضمن مفهوم البنائية نشاطاً من أجل المعرفة، والتي تحدث عندما يقوم الشخص في اختبار مضامين الخبرة الجديدة، وتوظيف جميع الجوانب الذهنية والجسمية والنفسية والعاطفية. • والمتعلم في البنائية يتحمل مسؤولية عملية التعلم، فهو العنصر الأساسي في تلك العملية، ونشاطه يوجه ذاتياً وبشكل ينسجم مع إمكانياته وميوله وخبراته. . • وقد اختلفت النظرة إلى مفهوم البنائية ، فهناك من يرى أن البنائية " مذهب فلسفي " يسعى إلى الشمول ، ويستهدف تقديم تفسير موحد لمجموعة كبيرة من المشكلات ، ويضم مجالات معرفية متعددة في إطار نظرة واحدة إلى العالم وإلى طبيعة الأشياء (زكريا،1980) . ويرى زكريا نفسه (1980،ص9) أن البنائية " نظرية في العلم تؤكد أهمية النموذج أو البناء في كل معرفة علمية ، وتجعل للعلاقات الداخلية والنسق الباطن قيمة كبرى في اكتساب أي علم " ، • بينما يؤكد ناصر (2001،ص422) على أن البنائية هي " منهج تحليلي تركيبي يعمد إلى تحليل كل بناء إلى جزئياته التي يتكون منها للكشف عن العلاقات الموضوعية التي تربطها بعضها ببعض ، ثم إعادة تركيبها في بناء كلي جديد يكون أرقى من البناء السابق وأكثر تقدماً " ، فيما يرى فضل (1985،ص205) أن البنائية " نشاط إنساني يتضمن تتابع منتظم لعدد من العمليات العقلية الدقيقة ، فهو يهدف إلى إعادة تكوين " الشيء " بطريقة تبرز قوانين قيامه بوظائفه " ، والإنسان البنائي يتناول الواقع ويفككه ويحلله ثم يقوم بتركيبه مرة أخرى . • وأدى اختلاف النظرة لمفهوم البنائية إلى تعدد استخداماتها وتطبيقاتها في العلوم المختلفة كل بما يناسبه ، إلا أن هناك إطاراً عاماً يتفق عليه جميع البنائيين ويعتبر نقطة الانطلاق في الدراسات البنائية المختلفة ، وهو النسق الكلي للظواهر المختلفة ، والتركيز على العلاقات التي تربط أجزاء هذه الظواهر . • والنظرية البنائية تستند على فكرة أن هناك دافع إنساني يقود الفرد لفهم العالم بدلاً من استقبال المعرفة بشكل سلبي ، وهذا ما يؤكده صادق ( 2003م : 156) حيث يرى أن المعرفة تبنى بنشاط المتعلمين بواسطة تكامل المعلومات والخبرات الجديدة مع فهمهم السابق (المعلومات السابقة) ، في حين يرى الوهر ( 2002م : 96) أن النظرية البنائية تنظر إلى التعلم بأنه عملية بناء مستمرة ونشطة وغرضية ، أي أنها تقوم على اختراع المتعلم لتراكيب معرفية جديدة أو إعادة بناء تراكيبه أو منظومته المعرفية اعتماداً على نظرته إلى العالم ، • افتراضات التعلم المعرفي عند البنائيين هذه الافتراضات تعكس ملامح الفلسفة البنائية وهي كالتالي: أولاً : التعلم عملية بنائية نشيطة ومستمرة، وغرضية التوجه؛ ويتضمن هذا الافتراض مجموعة من المفاهيم كالآتي : 1- التعلم عملية بنائية Constructive Process والمقصود بها أن المعرفة تتكون من التراكيب المعرفية السابقة حيث يبني المتعلم خبراته للعالم الخارجي من خلا رؤيته من الأطر أو التراكيب المعرفية التي لديه، حيث ينظم ويفسر خبراته مع العالم المحسوس المحيط به. 2- التعلم عملية نشطة ويعني ذلك أن يبذل المتعلم جهداً عقلياً للوصول لاكتشاف المعرفة بنفسه . ويتم ذلك عندما يواجه مشكلة ما، فيقوم ـ في ضوء توقعاته ـ باقتراح فروض معينة لحلها، ويحاول أن يختبر هذه الفروض، وقد يصل الى النتيجة ( معرفة جديدة ). غير أنه قد يراجع هذه النتيجة محاولاً فرض فروض جديدة أخرى وهكذا . ويرى البنائيون أنه لكي يكون النشاط تعليمياً لابد أن يكون بنائيا،ً أي يبني المتعلم المعرفة بنفسه . 3- التعلم عملية غرضية التوجه يقصد بذلك أنه لكي تكون عملية التعلم عملية بنائية نشيطة يجب أن تكون غرضية التوجه. فالتعلم في رأي البنائيين تعلم غرضي يسعى خلاله الفرد لتحقيق أغراض معينة تسهم في حل المشكلة التي يواجهها. أو تجيب عن أسئلة محيرة لديه، أو ترضي نزعة ذاتية داخلية لديه نحو تعلم موضوع ما ، وهذه الأغراض هي التي توجه أنشطة المتعلم، وتكون بمثابة قوة الدفع الذاتي له، وتجعله مثابراً في تحقيق أهدافه . ثانياً : تتهيأ للتعلم أفضل الظروف عندما يواجه المتعلم بمشــكلة أو مهمة حقيقية . وفي ذلك يشير (ويتلي Wheatly، 1991: 13) إلى أهمية التعلم القائم على حل المشكلات Problem Centered Learning. فهو يرى أن هذا النوع من التعلم يساعد التلاميذ على بناء معنى لما يتعلمونه وينمي الثقة لديهم في قدراتهم على حل المشكلات . فهم الآن يعتمدون على أنفسهم، ولا ينتظرون أحداً لكي يخبرهم بهذا الحل بصورة جاهزة . فضلاً عن أن التلاميذ يشعرون أن التعلم هو صناعة المعنى وليس مجرد معلومات عقيمة . كما أن البنائيين يؤكدون دوماً على أهمية أن تكون مهام المتعلم أو مشكلات التعلم حقيقية، أي ذات علاقة بالخبرات الحياتية كي يرى المتعلم علاقة المعرفة بحياته . ثالثاً : تتضمن عملية التعلم إعادة بناء الفرد لمعرفته من خلال عملية تفاوض اجتماعي مع الآخرين . أي أن الفرد لا يبني معرفته عن معطيات العالم التجريبي المحيط به إلا من خلال أنشطته الذاتية معها فقط ، والتي يكون من خلالها معان خاصة بها في عقله فحسب، وإنما قد يتم من خلال مناقشة ما وصل إليه من معان مع الآخرين، وذلك من خلال تفاوض بينه وبينهم . ومن ثم فقد يعدل الفرد الواحد هذه المعاني من خلال تفاوضه على معنى هذه الظواهر . رابعاً : المعرفة القبلية للمتعلم شرط أساسي لبناء تعلم ذي معنى . يؤكد البنائيون على أهمية المعرفة القبلية لدى المتعلم في بناء معنى كون التفاعل بين معرفة المتعلم الجديدة ومعرفته القبلية اللبنة الأساسية في عملية التعلم ذي المعنى، فقد تكون بمثابة الركيزة التي تعبر عليها المعرفة الجديدة إلى عقل المتعلم أو قد تكون عكس ذلك حيث تعمل بمثابة العقبة التي تمنع مرور هذه المعرفة إلى عقل المتعلم . خامساً : الهدف من عملية التعلم الجوهري إحداث تكيفات تتواءم مع الضغوط المعرفية الممارسة على خبرة الفرد . وفيه يقوم الفرد بالتكيف مع الضغوط المعرفية التي يتعرض لها عن طريق إحداث تغيرات في التراكيب المعرفية، كأن يطورها أو يوسعها أو يبدلها لتتواءم مع هذه الضغوط المعرفية أو يهملها. والضغوط المعرفية هي عناصر الخبرة التي يمر بها الفرد، والتي لا تتوافق مع توقعاتنا ومن ثم تعيقنا عن الحصول على النتائج التي نريدها . (سعودي، 780 : 1998 – 782). • ومن أهم ما تتسم به النظرية البنائية إعادة بناء الفرد لمعرفته، وهذا ما تؤكـده أمنية الجندي (2003م : 3) حيث ترى أن النظرية البنائية تتضمن إعادة بناء الفرد لمعرفته من خلال تفاوض اجتماعي مع الآخرين، ويعتبر التأكيد على دور المعرفة المسبقة أحد الدعائم التي يرتكز عليها الفكر البنائي بهدف بناء تعلم ذي معنى ، فعملية التعلم ناتجة عن التفاعلات بين المفاهيم الموجودة والخبرات الجديدة، أي أنه إعادة بناء للمعاني الموجودة لدى المتعلم بدلاً من كونه اكتساب معلومات • إن محور الارتكاز في النظرية البنائية كما يشير زيتون ( 1998م : 84) يتمثل في استخدام الأفكار التي تستحوذ على لب المتعلم لتكوين خبرات جديدة والتوصل لمعلومات جديدة ، ويحدث التعلم عند تعديل الأفكار التي بحوزة المتعلم، أو إضافة معلومات جديدة إلى بنيته المعرفية ، أو بإعادة تنظيم الأفكار الموجودة في تلك البنية ، وهذا يعني أن البنائية تركز على البنية المعرفية للفرد وما يحدث فيها من عمليات. • وطريقة التدريس وفقاً للنظرية البنائية تعتمد على مواجهة الطلاب بمشكلة ما ومحاولتهم إيجاد الحلول المناسبة لهذه المشكلة من خلال البحث والتنقيب ومن خلال التفاوض الاجتماعي . واستخدام أفكار النظرية البنائية في غرفة الصف يعد من التطورات الحديثة في تدريس العلوم والمعارف . • ويصفها أحد أعلام الفكر التربوي في أوروبا Renders Duit بقوله أنها: "صيغة فكرية حديثة، وأنها ذات نفع كبير لترشيد البحث التربوي، وتصويب الممارسات التعليمية". وليس بمستغرب أن تتعدد المصطلحات التي تشير إلى النظرية البنائية، إذ يشار إليها أحياناً بمصطلح البنائيةConstructivism ، ومصطلح البنائية الاجتماعية Social Constructivism، ومصطلح البنائية النفسية Psychological Constructivism، ومصطلح البنائية الراديكالية Radical Constructivism • ترفض البنائية في صورتيها الاجتماعية والفردية اتخاذ النظرية السلوكية مدخلاً وحيداً للتربية. وتؤكدان أن السلوكية تمثل تصورات خاطئة للوظائف العقلية التي تنبثق وتُمارس في عمليات التعلم والتدريس. وأمثلة هذا الخطأ كثيرة منها: الخطأ في تقدير الدافعية الداخلية، وتسييد السلوكيات التي يمكن ملاحظتها على ما عداها من سلوكيات باطنة داخلية؛ بحجة أنها لا يمكن قياسها أو استنتاجها بطريقة مباشرة، والاعتماد على اختبارات التحصيل أكثر من اعتمادها على اختبارات التفكير، والاعتماد – أيضاً- في الاختبارات المقننة على أن هناك إجابة واحدة صحيحة، واللجوء إلى اختبارات الأداء Performance منعزلة عن اختبار الكفاءة Comptence. • - تؤمن البنائية بوجهيها الفردي والاجتماعي بأن فكرة المعرفة الموضوعية الصحيحة، والإجابة الوحيدة للتساؤلات في مجالات الحياة ليست هدفاً مرغوباً فيه في شأن العالم الحسي المشهود، ويستبدلان بهما هدفاً آخر، لكونه أكثر ملاءمة لطبيعة الفرد في السياقات الاجتماعية، وهو الفهم Understanding سواء أُريد به عملية الفَهم Process أو نواتج الفَهم Productions. 4- تعارض البنائية في صورتيها الفردية والاجتماعية الفكرة القائلة إن المعارف تكتسب بطريقة التشبع السلبي Passive Absorbtion وتقترح أن يُعتمد في التعلم على تفعيل "القبليات العرفانية" لدى المتعلم الفرد ولدى مجموعة المتعلمين، وعلى أن يبذل المتعلمون جهوداً نشطة تنبع من قرارة أنفسهم؛ لأن نواتج مثل هذا التعليم تكون أكثر خصباً، وأعظم نفعاً للفرد وللمجتمع، وتستند البنائية في هذا إلى أن الإنسان مفطورٌ على البحث بدوافع داخلية، تستهدف أن ينشئ المعاني، ويسقط التركيبات العقلوجدانية على العالم الذي يكتنفه في سياقاته الزمكانية والاجتماعية؛ ليتيسر له التعامل معه في سياقات اجتماعية. 5- تؤكد البنائية في وجهيها أن التعلم الذي يبذل فيه جهد ذاتي داخلي في مناشط التعلم العقلوجدانية والاجتماعية يخلق لدى المتعلم التزامات جديدة تجاه بنية الفرد العقلية Interamental وتجاه البنية الذهنية الاجتماعية التي تكتنف جماعة المتعلمين Intermental. 6- تتفق الصورتان: الفردية والاجتماعية على أن المناهج التي تحدد أهدافها - مسبقاً- خارج الموقف التعليمي يجب ألا تفرض على الطلاب بوصف أنها السيد المطاع؛ وإنما يجب أن ينظر إليها على أنها لا تعدو أن تكون فروضاً، قد تُثبت الممارسة العملية في المواقف التعليمية بطلانها، وقد تؤصل الممارسة ضرورة تعديلها بالحذف أو الإضافة أو تقديم فروض بديلة لها. والفروض – في هذه الحالة- لا تعدو أن تكون مقولات تعبر عما يتوقعه من وضعوها – مهما أحسنت صياغتها، وأجيد سبكها- في رموز لغوية أو رقمية. أي أن الجهد الذي يبذل في صياغة الأهداف الإجرائية، ومثلها المعايير القومية التي تشغل بعض المسئولين عن التعليم في الدول العربية منذ عام مضى- هذه الأهداف وتلك المعايير ليست ضماناً لجودة العمليات التعليمية التي تلي وضع الأهداف وصياغة المعايير. لمــاذا؟ لأن أهداف التعليم، وما يقال عن معايير لمفردات نظام التعليم (الأهداف- المناهج- الكتب الدراسية- المعلمون- التدريس والتعلم- الامتحانات) لا تخضع تمام الخضوع للأهداف والطموحات والرغبات التي يصوغها من يضعون الأهداف، ومن يحددون المعايير ويصكونها؛ بسبب أن الروابط المِفصلية بين مكونات النظام التعليمي مفاصل رخوة وهشّة، وليست متماسكة أو صلبة على النحو الذي نجده في نظم الصناعة والإنتاج (مصانع السيارات، ومصانع الأسلحة، ومصانع الأغذية، ومصانع الأحذية) ففي تلك النظم تكفل جودة المدخلات الخارجية – كماً ونوعاً في الأعم الأغلب- جودة المخرجات إذا أُحسنت عمليات النظام. أما نظام التعليم ففيه مُدخلات داخلية؛ تؤثر في عمليات النظام ونواتجه، ومن هذه المدخلات مستوى دافعية المتعلم، والمعرفة القبلية، ومستوى دافعية المعلم للتعليم، ومدى رضاه عن مهنته، والأساليب التي يستخدمها المعلم في التدريس، ومدى فَهمه لاستراتيجيات التعليم الذي يؤدى إلى الغاية النهائية لنظام التعليم؛ وهي التعلم. وهذه المدخلات لا يتأتى لواضعي الأهداف وصائغى المعايير التنبؤ بها؛ وإنما تنبثق هذه المدخلات من خلال تبادل التأثير Transaction في الموقف التعليمي ذاته، وهي المتغيرات الحاسمة في نواتج التعليم |
#5
|
|||
|
|||
رد: التدريس بالنظرية البنائية
• ارتباط البنائية بالتربية • ظهرت البنائية في التربية مرتبطة ببناء المعرفة ( أو بنية المعرفة ) وبنية المفاهيم ، ولذا عرفت بالبنائية المعرفية أو البنائية المفاهيمية في التربية ، وظهر ما يسمى بالمناهج البنائية ونظريات التعليم البنائية والطرق البنائية في التدريس والمعلم البنائي والطالب البنائي . • ويعد جان بياجيه أول من طرق باب التربية بنظريته البنائية المعرفية ، ونظراً للدور الكبير الذي قام به بياجيه في هذا المجال . • جيث وضع بياجيه نظرية متكاملة ومتفردة حول النمو المعرفي لدى الطفل ، وتقوم هذه النظرية على عنصرين أساسيين : 1. الحتمية المنطقية ، وتختص بافتراضات بياجيه عن العمليات المنطقية وتصنيف مراحل النمو العقلي للطفل . 2. البنائية ، وتختص بالنمو المعرفي أي ما وضحه بياجيه بمبدأ بنائية المعرفة " أن الفرد هو الذي يبني معرفته " (زيتون،2000) . • و دعا بياجيه إلى ربط بناء المعرفة بالنمو المعرفي للإنسان منذ طفولته ، حيث يؤكد أن الطفل يولد ولديه اتجاهان فطريان هما : التنظيم والتكيف . والنمو المعرفي ما هو إلا تغير في التراكيب العقلية والبنيات المعرفية الموجودة (سركز وخليل،1996) . ويتضمن ذلك عمليتين رئيسيتين : 1) التمثل : وهو عملية عقلية مسئولة عن استقبال المعلومات ووضعها في تراكيب معرفية موجودة عند الفرد . 2) المواءمة : وهي عملية عقلية مسئولة عن تعديل هذه التراكيب أو الأبنية المعرفية لتناسب ما يستجد من مثيرات . • والتمثيل والمواءمة عمليتان مكملتان لبعضهما وينتج عنهما تصحيح الأبنية المعرفية وإثراؤها وجعلها أكثر قدرة على التعميم وتكوين المفاهيم (زيتون وزيتون،1992) • ويميز بياجيه بين ثلاثة أنماط من المناهج التعليمية : المناهج اللفظية التقليدية ، والمناهج النشطة ، والمناهج الحدسية . ويرى أن المنهج النشط هو أفضلها باعتباره متسقاً مع نظريته في توجيه نشاط المتعلم الخاص للوصول إلى الحقائق بنفسه والحصول على معرفته وتكوين بنياته بذاته ، إذ أن هدف التربية عند بياجيه هو تكوين الذكاء وليس تأسيس الذاكرة . • أما عن طرائق التعليم فإن بياجيه ينتقد الطرائق التقليدية للمعارف المهيكلة سابقاً ، من خلال ذكاء الآباء والمعلمين أو من خلال لغتهم مؤكداً أن المفاهيم لا تدرك بالاستماع السلبي بل تبنى بالفعل والعمل ، فالفعل يكوّن صوراً ذهنية من شأنها تشكيل بنى تنظيمية لأفعال جديدة ، والسبيل إلى ذلك هو التدريس من خلال النشاط البنائي للمتعلم الذي يتيح أمامه فرص الاكتشاف المعرفي لنمو وتعديل بنياته (سركز وخليل،1996) ، إلا أن ذلك لا يلغي دور المناهج الأخرى في اكتساب المعرفة . • وبذلك تصبح البنائية عند بياجيه منهجاً للتطبيق وليست مذهباً فلسفياً ، وهي منهج مفتوح على غيره من المناهج العلمية : تتداخل معها ، وتتصل بها لتعمل معاً على إيجاد الحلول المناسبة للمشكلات المعرفية (بياجيه،1985) . • ومن رواد المناهج البنائية " برونر " الذي وضع نظرية للتعليم قائمة على بنية المعرفة ، ويقصد بهذه البنية مجموعة المبادئ والمفاهيم والعموميات والنظريات الخاصة بأي فرع علمي ، ثم طرق وأساليب البحث التي تؤدي إلى التوصل لهذه الأساسيات المعرفية . فالبنية المعرفية عند برونر تتكون من مادة معرفية وأساليب البحث الخاصة بها ، إذ لابد من التسلسل المنظم لعرض المادة التعليمية من أجل التعلم . • وتعتبر الرياضيات الحديثة مثالاً واضحاً على ذلك ، فهي تدمج مواضيع رياضية مختلفة كانت في الماضي وحدات مستقلة ، بحيث تصبح المفاهيم الرياضية أكثر شمولاً من القديمة ، فهي دراسة لبنى رياضية عامة ، وهي من ناحية أخرى تتجه نحو التجريد ، وبالتجريد والتعميم تمكنت الرياضيات من تلبية احتياجات الكثير من الفروع العلمية الأخرى ، بل تدخلت بشكل صريح في مختلف العلوم : الطبيعية والإنسانية والاجتماعية (حسان،1983) . • وحظيت البنائية بالاهتمام الكبير في السنوات الأخيرة ، فهي نظرية عن المعرفة والتعلم ، إذ تقدم تصوراً عن المعرفة وعن الطريقة التي يحدث بها التعلم . وهي ترى أن المعرفة مؤقتة نامية ، وغير موضوعية وتبنى داخلياً وتتأثر بالثقافة والمجتمع . فترى أن المتعلم يبني بنفسه فهمه الخاص عن العالم من حوله بدلاً من أخذ هذا الفهم عن الآخرين ، فالبنائية تضع المتعلم في مركز عملية التعلم (العبد الكريم،2003) . • وتقدم البنائية بما تحويه من فلسفة تربوية تعلماً أفضل ، فالفرد يبني معرفته بنفسه من خلال مروره بخبرات كثيرة تؤدي إلى بناء المعرفة الذاتية في عقله . وبهذا تصبح المعلومات المتوفرة في المصادر المختلفة كالمواد الخام لا يستفيد منها الإنسان إلا بعد قيامه بعمليات معالجة لها . فبعد وصول المعلومة للطالب يبدأ بالتفكير فيها وتصنيفها في عقله وتبويبها وربطها مع غيرها . وهكذا إلى أن يصبح ما تعلمه ذا معنى ومغزى ، وهنا يمكن القول بأن الطالب تعلم شيئاً ((//tarbia1.tripod.com. • والبنائية ترى أن التعلم الذي له معنى أو التعلم الحقيقي هو الذي ينتج عن التأمل أو التروي ، وأن التعزيز لايأتي من البيئة بل ينتج من أفكار المتعلم ذاته . • أما المعلم ، فيصبح دوره هو التوجيه والإرشاد ، وطرح قضايا عامة دون التدخل في جزئياتها ، بل على الطالب تحليل تلك القضية والتعرف على جزئياتها ومعطياتها ، ومن ثم استنتاج العلاقات وتركيب بنية معرفية قائمة بذاتها . فالمعلم يجعل المفاهيم الموجودة عند الطالب واضحة ، كما أنه ينظم بيئة التعلم ، ويوفر أدوات التعلم ، ويشارك في إدارة التعلم وتقويمه ، وهو مصدر إحتياطي للمعلومات إذا لزم الأمر (ناصر،2001) . وترتكز النظرية البنائية على عدد من المبادئ، تشكل افتراضاتها الأساسية،التي يشير صبري (2000, 68-69) إلى عدد منها فيما يلي. 1. معرفة المتعلم السابقة هي محور الارتكاز في عملية التعلم، كون الفرد يبني معرفته على ضوء خبراته السابقة. . 2. إن المتعلم يبني معنى لما يتعلمه بنفسه بناء ذاتيا، حيث يتشكل المعنى داخل بنيته المعرفية من خلال تفاعل حواسه مع العالم الخارجي من خلال تزويده بمعلومات وخبرات تمكنه من ربط المعلومات الجديدة بما لديه وبشكل يتفق مع المعنى العلمي الصحيح. 3. لا يحدث تعلم ما لم يحدث تغيير في بنية الفرد المعرفية، حيث يعاد تنظيم الأفكار والخبرات الموجودة بها عند دخول معلومات جديدة . 4. إن التعلم يحدث على أفضل وجه عندما يواجه الفرد مشكلة أو موقفاً أو مهمة حقيقية. 5. لا يبني المتعلم معرفته بمعزل عن الآخرين بل يبنيها من خلال عملية تفاوض اجتماعي معهم. مشكلات البنائية في التربية : • يعاني المنهج البنائي من صعوبات في التطبيق ، ومن تلك الصعوبات (زيتون وزيتون،1992) : 1- ليست كل المعرفة يمكن بناؤها بواسطة الطلاب : هناك أنواع من المعرفة – خاصة بعض أنواع المعرفة التقريرية – يصعب أو يستحيل تنميتها من خلال المنهج البنائي مثل : كتلة الإلكترون ، وسرعة الضوء . مثل هذه المعارف ينبغي تزويدها للطلاب ، ولا ننتظر منهم القدرة على بنائها واستنتاجها . 2- التعقيد المعرفي أثناء التعلم : إن المنهج البنائي غالباً ما يتضمن مشكلة يسعى الطلاب لإيجاد حلول لها كل بطريقته الخاصة ، ولذا لابد أن يتزود الفرد بخلفية معرفية منظمة وثيقة الصلة بموضوع المشكلة ، وعندما تغيب هذه المعرفة أو تكون غير منظمة فإن المشكلة سوف تتسم بالغموض والتعقيد ، مما يدفع الطالب إلى المحاولة والخطأ أو الانسحاب كلية من الموقف .. 3- مشكلة التقويم : لم يقدم المنهج البنائي صيغة متكاملة ومقبولة عن التقويم يساير إطاره الفلسفي والتربوي ، إذ يرفض البنائيون الاختبارات الموضوعية وذلك إنطلاقاً من تصورهم الفلسفي بأنه لا توجد حقيقة موضوعية يسعى التعليم لتنميتها ، فالحقيقة مرتبطة بالذات، وكل واحد يكون حقائقه بطريقته الخاصة. 4- القبول الاجتماعي للمنهج البنائي في التعليم : إن المجتمع – ممثلاً في الآباء والمعلمين والسياسيين والاجتماعيين – يريدون بالدرجة الأولى تعليماً يزود الطلاب بالمعارف المختلفة ، وينقل التراث الثقافي من جيل إلى جيل آخر ، وهذا أمر لا يبدو واضحاً في المنهج البنائي الذي يركز على تزويد الطلاب بأهم المفاهيم والمعلومات الأساسية لبناء المعرفة ، ويترك لهم حرية تحصيل تلك المعرفة كل على حدة . 5- مقاومة المعلمين للمنهج البنائي في التعليم : إن أي ابتداع في المجال التربوي يصطدم دائماً بطائفة من المعلمين المعارضين للإبداع بسبب تعودهم على نمط معين من التدريس ، أو لعدم كفاءتهم في ذلك المجال . وينطبق الأمر على المنهج البنائي الذي يتطلب نوعية خاصة من المعلمين المؤهلين والمقتنعين بجدواه في التعليم . وبالرغم من تلك الصعوبات ، تتميز البنائية بكثرة تطبيقاتها والاستراتيجيات التدريسية القائمة عليها ويختص المحور الثالث بالتعرض لبعض تلك التطبيقات بشكل موجز ومبسط • تطبيقات البنائية في التربية تتميز البنائية بأنها تجمع بين كونها : نظرية في المعرفة ، ومنهجاً في التفكير ، وطريقة في التدريس . وقد تعددت تطبيقات البنائية في طرق التدريس وتنوعت ، إلا أن جميعها تركز على بناء المعرفة من قبل الطالب . ومن أهم تلك التطبيقات ( الاستراتيجيات) أو نماذج التدريس القائمة على البنائية مايلي : 1- دائرة ( دورة ) التعلم Learning Cycle : تعد دورة التعلم من التطبيقات التربوية لنظرية بياجيه (Piaget Theory) في ميدان المناهج وطرق التدريس . وقد قام كل من روبرت كاربلس Robert Karplus ومايرون أتكن Mayron Atkin وآخرين بإدخال بعض التعديلات على أفكار النظرية البنائية، ونظرية المعرفة عند جان بياجيه (Piaget .J ، 1974 )، وذلك في فترة الستينيات بالولايات المتحدة الأمريكية. • وهي إحدى استراتيجيات التدريس القائمة على النظرية البنائية وهي عبارة عن نموذج دائري يبين مراحل التعلم . تعتمد بشكل مباشر على التحري والاستقصاء والبحث، و هي أيضا لاتختلف كثيرا عن الطريقة الاستقصائية التعاونية التي تتمركز حول الطالب.. • وبذلك هي تراعي القدرات العقلية للطلبة , و تقدم العلم كطريقة وبحث و تفكير ,,,, وبالتالي تهتم بتنمية مهارات التفكير و المهارات العلمية لدى المتعلم , و تنسجم مع الكيفية التي يتعلم بها التلاميذ". وتتكون عملياً من ثلاثة مراحل هي اكتشاف المفهوم وتقديم المفهوم ثم تطبيق المفهوم في مواقف تعليمية جديدة . • ودائرة التعلم هي أسلوب يُعرض المتعلمين للفحص والتجريب العلمي وذلك بجعلهم : يكتشفون المواد , ثم يبنون المفهوم ,ثم يطبقون هذا المفهوم على فكرة جديدة . • يعد تسمية هذه الطريقة بدورة التعلم أفضل من دائرة التعلم لسببين : 1ـ أن الدورة ديناميكية ,ولكن الدائرة ساكنة وطريقة دورة التعلم تمتاز بالديناميكية فما ان تنتهي حتى تبدأ من جديد كما سيتضح من خطواتها . 2ـ أن الدورة تتكون من أطوار كما في دورة حياة المخلوقات الحية حيث يؤدي كل طور الى الطور الذي يليه أي أنها متصلة الحلقات بينما تتكون الدائرة من مراحل وتعد كل مرحلة منتهية في حد ذاتها . • وتعد دورة التعلم أفضل طرق التدريس التي تمكن المتعلم من الارتقاء بتفكيره واكتساب المفاهيم المجردة . وتقوم على عدة خطوات : 1- مرحلة الاكتشاف : وتبدأ بالتفاعل المباشر بين الطالب والخبرة الجديدة ، والتي تثير لديه تساؤلات مما يدفعه للبحث عن إجابات لتلك التساؤلات ، وأثناء عملية البحث قد يكتشف أشياء أو أفكار أو علاقات لم تكن معروفة لديه من قبل . 2- مرحلة تقديم المفهوم ( الإبداع المفاهيمي ) : وتبدأ بتزويد الطالب بالمفهوم أو المبدأ المرتبط بالخبرة الجديدة ، وأحياناً يطلب منه محاولة التوصل إلى صياغة مقبولة للمفهوم بطريقة تعاونية ، أو تعريفه بنفسه إذا كان ذلك ممكناً . , ويطلب من المتعلمين جمع معلومات حول الدرس , ثم تُجمع منهم ويساعدهم المعلم في معالجتها وتنظيمها عقلياً وتقديمها بلغة مناسبة ولازمة للمفهوم . 3- مرحلة تطبيق المفهوم ( الاتساع المفاهيمي ) : وفيها يقوم الطالب بأنشطة مخطط لها بحيث تعينه على انتقال أثر التعلم وتعميم خبرته التي اكتسبها في مواقف جديدة . وتتمركز هذه المرحلة حول الطالب وتهدف إلى مساعدة الطالب على التنظيم العقلي للخبرات وترتيبها وتشجيع التعلم التعاوني ويكون ذلك بإيجاد العلاقة أو الروابط بين الخبرات الجديدة والخبرات السابقة ولاستكشاف تطبيقات جديدة لما تم تعلمه . وخطوات دائرة التعلم متكاملة بحيث تؤدي كل منها وظيفة تمهد للخطوة التي تليها . ويبقى لكي تكتمل دورة التعلم أن تنظم المعلومات التي اكتسبها الطالب مع ما لديه من تراكيب معرفية ، وقد تصادفه خبرات جديدة أثناء ذلك تستدعي قيامه بعملية الاستكشاف لتبدأ من جديد حلقة جديدة من دائرة التعلم (زيتون،2000) [/COLOR] |
#6
|
|||
|
|||
رد: التدريس بالنظرية البنائية
[COLOR="Silver"]• ومن التعديلات التي أجريت على دورة التعلم • تم تعديل أو تطوير دورة التعلم الثلاثية إلى مايسمى بإستراتيجية دورة التعلم المعدلة ( الجديدة) المكونة من أربع مراحل , وهي: مرحلة الاكتشاف ومرحلة التفسير(استخلاص المفهوم). ومرحلة التوسع (تطبيق المفهوم).ثم مرحلة التقويم . • و أيضا تم تطوير وتعديل دورة التعلم المعدلة ذات الأربع مراحل إلى دورة تعلم ذات خمس مراحل, وهي:الانشغال ، التهيئة ( جذب الاهتمام ) ،الاكتشاف ،التفسير( توضيح المفهوم و تعريف المصطلحات باستخدام الخبرات السابقة للطلبة). ‘ التوسع (اكتشاف تطبيقات جديدة للمفهوم).، التقويم و قد أخذت دورة التعلم المعدلة شكلها النهائي بسبعة مراحل وهي: الإثارة( تحفيز الطلاب و إثارة فضولهم). الاستكشاف ( إرضاء الفضول و حب الاستطلاع لدى الطلاب ). التفسير(شرح و توضيح المفهوم المراد تعلمه من قبل الطلبة). التوسيع ( اكتشاف تطبيقات جديدة للمفهوم قبل الطلبة). التمديد(تمديد المفهوم إلى موضوعات جديدة في مواد و فروع دراسية أخرى من قبل الطلبة ). التبادل( ينشر الطالب حصيلة جهوده , و نتائج بحوثه بشكل منفرد أو بشكل جماعي). الاختبار (تقييم الطلبة للمفاهيم و المهارات). ومن ضمن ايجابيات هذه الإستراتيجية . 1. تتيح الفرصة للفرد المتعلم أن يتفاعل تفاعلا إيجابيا في عملية التعلم. 2. لهذه الطريقة أهمية في ربط ماهو نظري بما هو عملي ،وهذا يستند إلى اشتراك الطالب في التعلم الصحيح.( التطبيق العملي في الحصة ). 3. إن هذه الطريقة تهيئ الفرصة للتعليم على أدوات وأجهزة وتقنيات ولذلك لا بد لنا من تشكيل المعارف بصورة إيجابية. 4. إن هذه الطريقة تلبي حاجات الطلبة وتزيد في مستوى اهتمامهم ،كما تؤدي في الحصيلة النهائية لزيادة مستواهم المعرفي. 5. هذه الطريقة مناسبة لجميع الطلبة بجميع مستوياتهم. 6. تتيح الفرصة أمامهم ليمارسوا العلم ويكتشفوا بعض المعارف نتيجة للنشاطات التي يقومون بها. ويقوم المعلم بدور الميسر والمساند للمعرفة. • وتخطيط الدروس طبقا لطريقة دورة التعلم يتم عن طريق قيام المعلم بتحديد الأهداف ، والمفهوم المراد تقديمه للطلاب ، وإعداد قائمة بالخبرات المحسوسة ، وتخطيطه لأنشطة طور الكشف ، وطور تقديم المفهوم ، ثم طور تطبيق المفهوم . وتتميز دورة التعلم بأنها استمدت طريقها من إحدى النظريات في علم النفس ، بحيث توازن بين قيام الطلاب بالأنشطة ، وتزويدهم بالمعلومات وبذلك تساعد على النمو المعرفي و تنمي قدرة الطالب على تحمل المسؤولية والمشاركة الإيجابية كما ينتقل أثرالتعلم لتندرج مع الخبرات ,وتعتمد على العمل التعاوني ولها دور في تصويب أنماط الفهم الخطأ لدى الطلاب عن بعض المفاهيم العلمية. • * و كتطبيق تربوي في تدريس العلوم لدرس مشابه لدرس ( حواسنا تساعدنا على التعرف صفات النبات صفحة 34 للصف الأول الابتدائي ) على دورة التعلم ذات الأربع مراحل إليك مايلي: موضوع الدرس : أجزاء النبات و احتياجاته. أ/ مرحلة الاستكشاف ( استكشاف المفهوم). - المطلوب من التلاميذ : إحضار نبات صغير مكتمل النمو من حقل قريب ( برفقة المعلم). - التوجيهات من قبل المعلم للطلبة : اقتلاع النبات بكاملة و إزالة التراب عنه و تنظيفه - و وضعة على ورقة بيضاء - و رسم شكل النبات باستخدام الأقلام الملونة. - المهارات التي سيتم استخدامها : الملاحظة – التعرف – المقارنة. ب/ التفسير ( استخلاص المفهوم). المفهوم : تحديد الأجزاء الرئيسية للنباتات الجذور/ السيقان / الأوراق ) , و مقارنتها بصور نباتات مختلفة من مصدر تعليمي آخر و التعرف على الأجزاء الرئيسية لتلك النباتات. ج / التوسيع (توسيع المفهوم أو الفكرة). المطلوب من الطلبة : 1. أن يضع الطلاب بذور نبات سريع النمو في أصص زراعية , ثم رعايتها لفترة من الوقت حتى تظهر الأجزاء الخضرية كاملة (السيقان / الأوراق ). 2. اقتلاع النباتات المستزرعة في المدرسة و تنظيفها. 3. أن يذكروا العوامل الضرورية التي ساعدت على نمو النبات. د / التقويم. بانتهاء الأنشطة العملية, فإن الطالب يكون قادرا على أن : 1. يذكر الأجزاء الرئيسية لنبات مكتمل النمو. 2. يسمي أهم الاحتياجات الضرورية لنمو النبات. 3. يشرح عمليا الخطوات الضرورية لنمو النبات و العناية به. 4. يستطيع عمليا أن يفرق بين الجذر و الساق و الورقة لعدة النباتات المختلفة. 2ـ السنادات( السقالات) التعليمية . هي امتداد للنظرية البنائية وإحدى تطبيقاتها , إلا أنها تركز على المتعلم ومفهوم السنادات (السقالات )التعليمية: هي إستراتيجية تدريس يستخدمها المعلم مؤقتا يقدم من خلالها مجموعة من الأنشطة والبرامج التي تزيد من مستوى الفهم لدى الطالب بالقدر الذي يسمح له بمواصلة أداء الأنشطة ذاتيا . • وفي إطار هذا المفهوم يقدم المعلم المساعدة الوقتية التي يحتاجها المتعلم بقصد إكسابه بعض المهارات والقدرات التي تمكنه وتؤهله بأن يواصل بقية تعلمه منفرداً • وسميت بهذا الاسم لأنها تركز على الدعم المؤقت للمتعلم من خلال تقديم مجموعة من الأنشطة والبرامج ومن ثم تركه ليكمل بقية تعلمه معتمداً على قدراته الذاتية , • ويعبرفيجو تسكي رائد البنائية الاجتماعية عن السقالات التعليمية بقوله : تتكون فجوة بين معرفة الطالب ومعرفة المعلم وتسمى الخبرة الأقرب لدى الطالب بمنطقة النمو الأقرب ويتم ردم هذه الفجوة من خلال برامج التسقيل التي يستخدمها المعلم بشكل مؤقت لمساعدة الطالب بالربط بين المعرفتين. • مراحل السقالات التعليمية : 1ـ مرحلة التقديم : وفي هذه المرحلة يعطي المعلم فكرة عامه عن الدرس مع استخدام التلميحات والتساؤلات المثيرة والتفكير مع المتعلمين في بعض عناصر الدرس . 2ـ مرحلة الممارسة الجماعية : وهنا يشارك المعلم المتعلمين في بعض أفكار الدرس ويطرح عليهم بعض التساؤلات تاركا لهم الإجابة عنها ، ويجعل التلاميذ يعملون في مجموعات صغيرة يعقبها بتقسيم اصغر بحيث يعمل كل طالبين سواء . 3ـ مرحلة التعليم الفردي : وهنا يترك كل طالب ليتعلم بمفرده تحت إشراف المعلم ، كما يشترك المعلم مع متعلمين في تدريس تبادلي . 4ـ مرحلة التغذية الراجعة : وفيه يعطي المعلم تغذية راجعة وتصحيحا لأخطاء المتعلمين ثم يطلب من كل متعلم بعد ذلك استخدام التغذية الراجعة ذاتياً. 5ـ نقل المسؤولية للمتعلم : تنقل جميع المسؤوليات التعليمية من المعلم الى المتعلم وإلغاء الدعم المقدم له من المعلم مع مراجعة أداء المتعلم دوريا حتى يصل لإتقان التعلم . 6ـ زيادة العبء على المتعلم : بعد نقل المسؤولية للمتعلم تزداد كمية درجة استقلالية المتعلم هنا فيترك ليتعلم بمفرده دون تدخل المعلم مع التمهيد لممارسة تعليمه أخرى يقوم بها المتعلم بمفرده [/COLOR] |
#7
|
|||
|
|||
رد: التدريس بالنظرية البنائية
شكراً لكـ ................يـــــــاأستاذ
|
#8
|
|||
|
|||
رد: التدريس بالنظرية البنائية
جزاك الله ألف خير وكثر الله من أمثالك
|
#9
|
|||
|
|||
رد: التدريس بالنظرية البنائية
رفع الله قدرك في الداريين
__________________
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولاقوة إلا بالله
|
#10
|
|||
|
|||
رد: التدريس بالنظرية البنائية
بسم الله الرحمن الرحيم
سلمت يداك بارك الله فيك وجزاك خيراً مجهود رائع كتب الله أجرك
__________________
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
انواع عرض الموضوع |
الانتقال إلى العرض العادي |
العرض المتطور |
الانتقال إلى العرض الشجري |
|
|