ملتقى الفيزيائيين العرب > قسم المنتديات العامة > منتدى الأخبار العلمية. | ||
ما هو الزمن؟ (مقال مترجم عن مجلة Physics World ) |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
ما هو الزمن؟ (مقال مترجم عن مجلة Physics World )
ما هو الزمن؟ ناقش العلماء والفلاسفة طبيعة الزمن لقرون، وبالرغم من بعض التقدم إلا أن آدم فرانك يعتقد أن هذا هو أحد الأسرار التي يبدو أنها ستستمر. ما هو الزمن؟ معضلة الزمن واحدة من أقدم الأحاجي، وحقيقة أن حياتنا لها نهاية تجعل من الزمن سراً وثيق الصلة بالحقيقة وسؤالاً ملحاً عن هذه الحقيقة. منذُ نيوتن وحتى الآن والفيزيائيون، في بعض الحالات، يتطرقون مباشرةً إلى قضايا الزمن التي كانت يوماً ما مهمة الفلاسفة وحدهم. لكن علم الفيزياء- مدفوعاً كما هو بدراسة كل ما له حقيقة مادية- قد أضاف التصورات الخاصة به (والمفارقات) إلى التساؤلات المتعلقة بالزمن؛ بنيته وحقيقته الأساسية. والنتيجة كانت أن ليس هناك مشكلة متعلقة بالزمن وحده بمعزل عن غيره، لكنها مشكلات متداخلة تتطلب أكثر من مجرد ثورة المفهوم الواحد لحلها. في الفكر الغربي، مثّل الفيلسوفان الإغريقيان بارمنديس وهيراقليطس، حوالي القرن الخامس قبل الميلاد، قطبي المناظرة حول مفهوم الزمن. المبادئ التي أسس لها بارمنديس رأت أن الزمن كمقياس للتغير ليس إلا خداعاً، أما الواقع بمعناه الأساسي فأبديٌ لا يحده زمن. على النقيض من هذا التصور، رأى هيراقليطس وأتباعه أن لا وجود بلا زمن، وأن التغير- متصلاً في جريانه- ليس إلا الملمح الثابت للواقع. ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن والجدل بشأن مفهوم الزمن يراوح بين هذين التصورين ولا يخرج عنهما، مع كثرة أنصار الاعتدال بين هاتين النظرتين. كان إسحاق نيوتن من أقدم المناصرين للاعتدال في مفهوم الزمن، وعلى هذا الأساس قاد تطور ميكانيكا نيوتن إلى نموذج حديث للبحث عن الحقيقة يقوم على التوفيق بين النظرتين التقليديتين للزمن؛ فمعادلات ديناميكا نيوتن التفاضلية تتعامل مع الزمن كمعيار يجري بمعدل ثابت في كل مكان في الكون، وفي نفس الوقت فإن هذه المعادلات تمثل قوانين أبدية توجد خارج إطار الزمن. وبهذا، أصبح البحث عن "قوانين للطبيعة" لا تخضع للزمن ملهماً للعلماء بعد نيوتن وهاجساً فرض نفسه على المعرفة البشرية. نعم، لم تكن قوانين نيوتن قابلة للتطبيق إلا في حدود السرعات أقل من سرعة الضوء، والأطوال أكبر من تلك المصاحبة لميكانيكا التكميم- لكنها ومهما يكن التغيير الذي أحدثته النسبية وميكانيكا الكم في نظرتنا لكون نيوتن، إلا أن تطورهما لم يغير من الفكرة الأساسية بأن وجه واحد للحقيقة على الأقل- قوانين الفيزياء الكلاسيكية- موجودة دون الحاجة للزمن. وضمن بحثنا عن قوانين لا تخضع للزمن، حطت بنا الفيزياء أمام حقائق جوهرية عدة (وأسئلة مفتوحة) عن المؤقتية أو اللحظية. أحد هذه الأسئلة المطروحة، والتي لم تُجب بعد، هو "سهم الزمن" المشهور. جميع القوانين المقررة والتي تحكم ديناميكية الجسيمات- أكثر الأجسام الفيزيائية بدائيةً- قابلة للانعكاس الزمني. لا شيء في معادلات نيوتن للكتلة النقطية أو في معادلات شرودنجر للدالة الموجية يستطيع أن يدلنا على الاتجاه الذي تسلكه عقارب الساعة. العالم الميكرسكوبي، على كل حال، لا يحتمل مثل هذه الحيرة. خفق البيض وتحريك الكريمة في القهوة لا يدع مجالاً للشك بأن سهم الزمن المتجه من الماضي إلى المستقبل هو مكون أساسي للحقيقة. عودة إلى البدايات كمبدأ فيزيائي، فإن الأسئلة المتعلقة بـ"سهم الزمن" تظهر ضمن مصطلحات المعادلات الحركية (التفاضلية) التي تحكم العمليات الفيزيائية. وعليه، فهذا شيء لم يكن الإغريقيون قادرين على إدراكه، ولم يكن من السهل حل هذه المعضلة نوعاً ما إلا مع قدوم الديناميكا الحرارية (ولاحقاً الميكانيكا الإحصائية)، وذلك بإيجاد متوسط الحالات الميكروسكوبية المرتبطة بالحالة الكبيرة لعدد من الجسيمات. وبهذا تكون كمية جديدة مصاحبة لأنظمة كبيرة- الانتروبي أو الفوضى- قد دخلت القاموس بديلاً للزمن في العالم الميكرسكوبي. إلا أن النظر من زاوية الانتروبي لا يزيد مشكلة الزمن إلا تعقيداً؛ فبمجرد أن تتعاظم الانتروبي (بمعنى الفوضى) سيصل النظام إلى حالة اتزان وستبدو كل لحظة في جوهرها مثل لاحقتها، باستثناء تذبذبات نادرة الحدوث، الأمر الذي يحتم على الفيزيائي أن يدرس الكون ليسأل: لماذا نعيش في كون كانت انتروبيته الابتدائية أقل ما يمكن لتسمح للتطور، ومن ثم التغير، بالاستمرار. إن اكتشاف الانفجار العظيم كبداية لهذا الكون يعني أن هذا السهم الكوني للزمن يجب أن يُدفع للخلف لنسأل عن ظروف نشأة الكون الابتدائية. ولكن، وكما يجادل روجر بنروز وسين كارول وبعض النظريين الآخرين، فإن احتمال أن تكون الظروف المحيطة بالانفجار العظيم- كما يصور تقليدياً هذا السيناريو- ذات انتروبية منخفضة لهو احتمال نادر جداً. إن التساؤلات عن الظروف الابتدائية لهذا الكون تجعلنا نبحث عن أكثر النظريات أساسيةً: الجاذبية الكمومية. ستناقش جهود تكميم الزمكان التقليدي في مكان آخر في هذا العدد (انظر ص42-ص43)، ولكن أحد أهم التداعيات الخطيرة لمثل هذا البحث هو الدفع بالنظريين نحو جبهات أخرى في فهمنا للزمن. خذ مثلاً الحقيقة المثيرة التي تجعل معادلة شرودنجر عندما يعاد ترتيبها لتصبح مناسبة لزمكان النظرية النسبية؛ وبالتالي خالية من عنصر الزمن. تُعرف هذه الصياغة الخالية من الزمن بمعادلة وييلر-ديويت، وهي تقدم لنا مجموعة من الحالات الكمومية "الكونية" لهذا الكون دون أن يكون هناك أي تصور لتطور حالة من هذه الحالات إلى أخرى. هل تعني معادلة وييلر-ديويت أن بارمنديس كان محقاً، وأن الزمن ليس إلا وهماً؟ إن سؤالاً مثل هذا مازال عصياً على الإجابة، إلا أن عدداً من أولئك العاملين في مجال الجاذبية الكمومية يجادلون بأن الزمان والمكان الذين اعتدنا عليهما لا يمكن أن يكونا أساسيين، بل إن الزمان والمكان لا بد وأن يكونا قد انبثقا عن شيءٍ ما أكثر جوهرية منهما وله خواص مختلفة عن مفهومنا للمكانية والتعاقب اللحظي. وحديثاً يصاغ السؤال: "هل الزمن حقيقي؟" بطريقة تجعل الزمن ناشئاً عن مجموعة أعمق من المبادئ. وهناك باحثون آخرون رأوا في طريقة البحث عن الجاذبية الكمومية أسئلة مثيرة. أندريس البريشت، على سبيل المثال، لاحظ أن الانتقال من معادلات وييلر-ديويت إلى العالم المحكوم بالزمن الذي تعودناه يقدم تحدياً جديداً سماه "غموض الساعة". وقد بيّن البريشت أنه ليس هناك طريقة مباشرة لتحديد أي جزء من النظرية المنسجمة مع الكوانتم ستعمل ساعةً، وما هو الجزء الذي سندعوه مكاناً. إن تفعيل خيارٍ كهذا سيفكك الزمكان، وقد وجد البريشت أن خياراتٍ عشوائية مختلفة لما سيلعب دور الساعة ستقودنا إلى مجموعة مختلفة تماماً من القوانين الفيزيائية. صرخة لفهم حقيقة الزمن يأتي النقد الصارخ أيضاً للمقاربات السائدة حالياً من لي سمولن والذي يجادل بأن الاهتمام الذي امتد قروناً بالقوانين الخالية من عنصر الزمن سيجعل من الصعب استيعاب المفاهيم. وطبقاً لسمولن، فإن الدافع لقوانين أبدية لوصف الواقع ككلٍ وواحدٍ قد ضيق على الفيزياء الأساسية ما حتم عليها أن تراعي الحقائق "الممكنة"، كما هي الحال بالنسبة لنظريات الأكوان المتعددة وأكوانها غير النهائية وربما غير القابلة للملاحظة، فضلاً عن هذا الكون الذي خبرناه. سمولن يخطو أيضاً خطوة جريئة في اتجاه هيراقليطس باعتباره الزمن أساساً للحقيقة ولا يمكن اعتباره ناشئاً عن شيء، وعليه فحتى القوانين الفيزيائية يجب أن تكون محكومة بالزمن وبالتالي فهي عرضة للتغيير. ومازال الباحثون الفيزيائيون يفاجئوننا بتبني تفسيرات متباينة لطبيعة الزمن، لينقلوننا في كل مرة إلى المكان المناسب بين المسافة التي قطعناها والمسافة المتبقية، ويأبى الزمن إلا أن يظل لغزاً محيراً، وعلينا ألّا ننتظر منه إلا أن يبقى كذلك ليثير فينا أكثر الأسئلة العلمية إبداعاً، على الأقل في الوقت الحالي. الكاتب: آدم فرانك، وهو فيزيائي فلكي نظري في جامعة روتشستر بالولايات المتحدة الأمريكية. ترجمة: حامد أحمد الغامدي
__________________
وفي عصر العلم والإبداع، القناعة ليست كنزاً ولا بد أن تفنى!
https://twitter.com/HamidAAlghamdi https://www.facebook.com/hamid.algha...mid.alghamdi.7 |
#2
|
|||
|
|||
رائع جداااااااااااااااااااااااااااااا
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
انواع عرض الموضوع |
الانتقال إلى العرض العادي |
العرض المتطور |
الانتقال إلى العرض الشجري |
|
|