ملتقى الفيزيائيين العرب > قسم المنتديات العامة > منتدى المناسبات. | ||
يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟ |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#331
|
|||
|
|||
![]() القدرة شرط الحرية
بقلم: محمد يوسف جبارين( أبوسامح).. أم الفحم..فلسطين السير نحو الحرية عملية تاريخية ، تستوي فيها كلمة الحرية على كلمة الدولة ، بكل ما تعنيه ، من جغرافية وشعب ونظام للسلم الاجتماعي والعيش الكريم ، بما يتصل به من فكر وآليات ، تقيم التقدم وتلاحق التطور ، بعزم على تحقيق السبق على من سبقوا الى المستقبل . وما بين ظروف يعانيها شعب شب من رقاده باحثا عن حريته ، وبين ظروف يسعى اليها كي تكون ، ليستوي بها على غاياته ، تمتد معاناته بطول المسافة التي تستغرقه ، في ابداع امكانياته وقدراته التي يحتاجها ، في مغالبة الصعوبات التي تعترضه ، وتحول بينه وبين اقتداره على فرض ذاته على الواقع ، وتتويج سعيه بدولة ، هي النظام الذي به يغدو سيد ذاته في أرضه . وكما أن غلب الصعوبة يحتاج الى القدرة الكفيلة بذلك ، فأيضا الرسو على الغايات ، يقتضي القدرة ، أن تكون فاعلة في تحقيق حتمية البلوغ للأهداف المرحلية التي تتتالى وتتصل ، الى أن يتم الدنو ، فالاستواء على الغايات بتحقيقها . وذلك يستدعي ثقافة تبني وعيا يقيم سيرا كهذا ، فالقدرة ليست شيئا سهل المنال ، فأول شرط لتوافرها ، هو اجتماع القدرات الفردية والجماعية كافة ، على الفعل المترتب على الموقف الذي يتم اتخاذه ، عن وعي بحقائق الواقع ، وعن فهم محيط بادارة الصراع ، فكل فعل يستجاب به لموقف ، لا بد وأن يؤدي الى اجراء تبديل في ظروف قائمة . كذلك ضمان الاقتدار الدائم على الصعوبة ، يعني الاستطاعة الدائمة ، ما يعني التزام الاضافة المستمرة في القدرة ، ما يوفر ديمومية الاستواء على الأهداف ، وهذا ممكن الحدوث ، حين تقترن القدرة بمنهج تنساق به الجموع نحو هدف واضح ، يهدي اليه فكر هو بالأصل نتاج الجدل الدائم بين العقل والظروف السائدة من حوله ، وفي حال كهذا فان فاعلية الارادة الشعبية تعرف اتجاهها ومستقرها ، فبها نية حددتها المعرفة بأحوالها ، بما بها من مقدرة على التأثر والتأثير ، وبها الاستعداد للاستجابة بالفعل ، لكافة المتغيرات التي ينضح بها الواقع ، وهو ما يؤثث دوما لاستكناه حقائق الواقع ، ومن ثم بناء موقف وتحريك فعل في أداء واجب . وهذه العلاقة بين القدرة وتوظيفها ، وبين الوعي بها وبين الواقع ، بذاته الجدل الذي به يتجدد الوعي ، بتجديد التبديل في الواقع ، كنتاج من تدخل الارادة في عملية تغيير لا تنقطع . ما يدل على أن السياسات التي تقيم موقفا وتسير الارادة ، لا تكون مطلقة ، فلا وجود للمطلق في نطاق تغير دائم . كذلك الدبلوماسية التي تتقدم السياسات وتؤثث لها ، انما تقوم على منطق التأهيل لمجرى سياسة يراد اتباعها . فالى ذلك الحرية تقتضي استخلاص الحياة من قيودها ، وترميمها ووضعها في نظام تتفاعل به مع ذاتها ، فتزيد في مقدرتها على النمو ، بايقاظ ما بها من قدرات ذاتية كامنة ، لتمضي في تغيير جذري في ظروفها ، وتنتقل من حال الى حال أحسن منه حالا ، وهو اللازم لها ، لزوم شروق الشمس ، لكي يهرب الليل ويأتي النهار . فاذا أصبحت الجماهير الشعبية على هذا الحال وطنا للحرية ، فكل فرد منها بثقافة ووعي تفصح عنها أفعاله وأقواله ، ولها وجه دلالة على أن الحرية تستوطنه . يعيش معانيها نفسيا وفكريا ، وفي علاقاته بالأشياء من حوله ، وفي رؤيته لحركة الحوادث ، ومشاركته في التأثير عليها . واذا هي الحرية تحدد ممشاه وأهدافه وأولوياته ، فالتحرر من ربقة الاستعمار أولا ، فان هذه الجماهير بمجمل أفرادها ، يصح القول فيها ، بأنها وطن الحرية ، وبما بها من طاقات تتساند في قدرة تفعل بها من أجل حرية الوطن . فهي الجماهير الواعية للمرحلة التي تمر بها ، فوحدة الأهداف ترسم سيرها ، فلا تقيم عقبات تحد لها من بذلها ، ولا تدع قيامة لاختزالات تضيع بها طاقاتها التي تصبها في أفعالها ، ولا تتلهى بما لا ينسجم مع القول والفعل الذي تحقق به حريتها ، فشاغلها خلاصها من الاستعمار ، فهو سالب سيادتها ، وعليها بنفسها أن تستعيد هذه السيادة ، وأن تمتلك زمام السيطرة على مصيرها ، فتقرير هذا المصير هو شأنها ، لأنه يخصها بذاتها ، وعليها أن لا تدع لغيرها أي شكل من أشكال السيطرة على هذا المصير . فلا تقاسم وظيفي مع غيرها على نفسها في مسألة السيادة ، فأي جزء منها ، اذا هو تحت سيادة غيرها ، ففي نطاق هذا الجزء هي ليست حرة ، وتتحرك تحت تأثير قيود ترفضها ، فالحرية هي الحرية ، ولا وجود لها حيث العبودية ، سوى في هيئة متمرد ، في داخل المقهور الذي يتحين فرصته ، ليتمرد على الأغلال التي تقيده وتسلبه انسانيته . وكي تصير الجماهير الى ما تريد أن تكونه ، فلا مفر من أن تحرر ارادتها بنفسها ، وأن تتقدم بها الى ما تريد أن تصيره ، وهي تعلم بأن الحرية ليست ابتعاث الارادة فحسب ، وانما هي التوظيف لهذه الارادة في كسر القيود وتذليل العقبات ، وتجاوز الخلافات بين أبناء الشعب الواحد صاحب المصلحة في التحرر ، وجمع كل الامكانيات والأفعال والأقوال في صيرورة واحدة ، تصير بالجماهير الى امتلاك سيطرة مطلقة على مصيرها ، فلا ينازعها أحد على قرارها المتعلق بأمورها. وحيث أن هذا يستدعي مواجهة سافرة مع الاستعمار ، وعلى كل صعيد ، ويوجب صراعا لا محل فيه لتردد أو نكوص أو تلكوء ، أو تخاصم وتشرذم ، فثمة صراع أهم ما فيه القدرة التي بها يتأتى حسم الصراع ، فالوطن ينادي على كل أبناء الوطن ، وليست الوحدة الوطنية كمظهر واجب ، وحدها الضرورة التي تصر عليها حتمية الخلاص ، بل وماهية هذه الوحدة ، وما بها من آليات ، فكل انسان في دوره الذي يلائمه ، ويستطيع أن يؤديه بأداء لا يقدر عليه غيره . وليست المحاصصة الحزبية في حال كهذا ، سوى العامل المرفوض ، ذلك أن حقيقة الصراع ، تستوجب تراجع الحزبية، أمام حقيقة الأعباء التي توجبها طبيعة المرحلة . فالوحدة شرط القدرة ، وكلاهما شرط الامكان حتى يصبح ممكنا . فمن تراه يجعل الحلم حقيقة ، وهل هناك غير الجماهير تعاني وتحلم ، وتريد أن ترى معاناتها ، وقد أصبحت ذكرى في واقع يموج بالحرية ، فالجماهير لا بد لها وهي تنحاز الى مصلحتها في الحرية ، أن تعمل جاهدة على استنهاض كل طاقاتها الدفينة ، وأيضا أن تستنهض كل تلك التي دخلت بالوهم الى ثلاجة . وعليها أن تلتفت الى تلك الطاقات التي تحيد بها ، عن دورها الريادي ، وتشغلها بما ينتقص من قدرتها على أداء واجباتها ، فثمة قوى اخترال بها عقلية ، تستوجب علاجا ..تستوجب مساهمة فاعلة تستخرجها ، من كونها مبددة للطاقات الى مضيفة طاقاتها في الجمع لا في السلب ، في التكامل لا في التفكيك ، في الوحدة لا في الانقسام ، فهنا جهد يتوجب بذله في تعديل رؤية هكذا عقلية للعمل الجماعي وضروراته التي يمليها الصراع من أجل الحرية ، ولا بد من ايلاء ما لذلك من أثر بالغ في تشكيل قدرة الشعب على بلوغ مرادة ، فهذه عقلية مركبة وبها اشكاليات ، وهي في حد ذاتها ، وبما هي عليه من معتقدات وسياسات ، تشكل اشكالية في عين عملية التحقيق للوحدة الضرورة للقدرة الجامعة لكل الشعب على موقف ، فحقيقة هذه العقلية هي بأنها تستحضر ما تستظرفه من الماضي الغائر في القدم ، وتلبس لباسه ، وتنشىء به انفصالية عن أداء الدور مع الآخرين في عملية التحرير ، ايغالا منها في أنها وحدها ، وبما تحمله من ألفاظ وشعارات ، هي الحل لمشكلات الواقع ، وفي حقيقتها لا تقدم حلا لأي شيء ، فليس لديها سوى كلمات متقاطعة ، لا تشكل جملة مفيدة في أي حل صحيح لأي اشكالية ، من اشكاليات الحرية . فثمة عقلية كهذه غارقة بما تسديه على ذاتها ، من أوصاف صاحبة الجلالة ، وبأنها الصحيح ، وفي الحقيقة هذا الصحيح الذي لا وجه له في صحة ، بل هو بعينه يزيد البحث عن الحل الصحيح لأشكاليات الواقع تعقيدا ، ويزيد في القدرة ضعفا ، يتباعد بها عن مقدرتها على تحقيق آمال معلقة عليها ، فالجماهير مطالبة بالخروج من ابتساماتها ، الى محاسبة هذه العقلية ، لتبلغ بها الرشاد ، أي أن تخرجها من مراهقتها الفكرية . ففي الوقت الذي فيه ، لا يزال الامكان منتصب القامة ، تحت أجنحة الآمال يمشي مختالا في الوعي ، وفي الألفاظ ، ويود لو يكون ممكنا ، لا فائدة من الاستنقاع بين الامكان والممكن . فالى هنا ولا الى هناك ، انما يفيض بالضرر لا بالنفع على القضية . فجملة الروح الهائمة على بحار من العجز والآلام ، وتحت سحب تمطر رجاء وأحزانا .. كنا وسوف نكون ، تستدعي صور قدرة كانت ومن أقاموها ، من داخل الكتب والقبور ، لكنهم مكانهم ، بما فعلوا في الماضي يبقون ، ولا يأتون ، لكن ذكراهم ، وما تستبقيه في بيولوجيا من يستدعونهم ، تبعث على الامكان الذي يلزمه ابتعاث الارادة ، وحشد الامكانيات ، ووعي يتفاعل مع الواقع ، بحال يبعث على نشأة جديدة لظروف تهيء له أن يكون ، وليس كنا وسوف نكون بحالها ، بانقطاعها عن كل صلاتها بواقع ، وحدها في الخطاب كافية ، لاحداث تغيير في ظروف لا تقيم للامكان قوائم يقوم عليها ، لكي يستحيل الى ممكن . بل القطيعة مع الواقع ، بتأصيل الفرار من مسؤوليات تلح وتستصرخ ، باغراق الناس بملفوظات تفور النفوس ، وتعينها على الهروب من كوابيس ظروفها الى ما كان ، وليس له أثر في واقع الحال ، بذاته البناء لقيود معنوية تقيمها الألفاظ للارادات ، وتزجها في وعي انفصالي يفصلها عن ظروفها ، فترى الناس غارقين في ألفاظ تسبح في ماض ، ولا يجتمعون على ارادة تبدل في ظروفهم ، فلا هم يفلتون من آمالهم في التغيير ، ولا هم يكفون عن دلق المرارة في صدورهم ، فكيف تأتى للألفاظ أن تزج أناسا في سجن معنوي بعيدا عن خدمة آمالهم ، في وقت لا يأل الاحتلال جهدا في زج أبناء الوطن في السجن استبعادا لهم عن العمل على طرده . فالامكان لا يتأتى بهرب من ابداع مستلزمات الضرورات ، التي يستوجبها البذل الممتد ، من تبديل في ظروف قائمة الى قيامة ظروف ، بها ينشأ الفعل الذي هو أصبحنا . كذلك نسخ ماض غائر في القدم ، على حاضر لكي يصبح مستقبلا هي عملية لفظية ، تستدعي ما لايستدعى ، وتدعي ما لا يجوز ، وكل قسر لقول على حال ليس له ، لا يستوي على تحول مقبول . وليس الرأي أو الحكم المتصل بظرف كان ، هو حكم يمكن اصداره بشأن ظروف قائمة ، فمعرفة الظروف بما بها من متغيرات هي مناط نشأة الرأي المتصل، ببحث عن حل لاشكالية في هذه الظروف . فالتغيير في الواقع ، بتقريب فجر الحرية ، بارغام الاستعمار على الرحيل عن الأرض ، هو بعينه نتاج القدرة التي تزحزح الاستعمار عن مواقعه ، موقعا تلو آخر ، وهذا الاقتضاء الذي يغدو حقيقة التغير في الظروف ، هو بالضرورة نتاج الوعي الذي يسير ارادة الجماهير بفاعلية تؤدي اليه . ما يقرر بأن مرحلة التحرر ، من الاستعمار لها ضروراتها التي تنبثق منها املاءاتها ، التي تستدعي الوعي ، الذي يوظف العلم والثقافة في استجماع القدرة ، بكل مكوناتها المحلية والعالمية ، في صياغة حتم ، يحكم الظروف ، في الاتجاه الصاعد بعملية تاريخية ، تقدم عليها الارادة ، وتسعى بها الى انتاج ظروف الميلاد للدولة على الخريطة السياسية للعالم . فالحرية للوطن ، هو شعار المرحلة ، فما زال تحت الاحتلال . وطالما أن الارادة الاستعمارية لم ترغمها ارادة على الرحيل ، وطالما هي تعربد ، وتفعل ما تشاء .. تطارد من تشاء ، وتستوطن أين تشاء ، وتغتال من تشاء ، وتودع السجن من تشاء ، فمشيئة الاحتلال هي التي تشاء ، فكيف ومتى اذا شاءت ، لا تستطيع أن تنفذ مشيئتها ، هو بعينه سؤال الوحدة الوطنية ، وسؤال القدرة ، فوظيفة الوحدة هي هذه القدرة ، التي بها تستطيع الجماهير أن تشاء ما لا يشاء الاحتلال ، وبهذه القدرة تستطيع تفكيك الاحتلال ، فمتى وكيف تغدو الوحدة الوطنية الصهريج العظيم الذي في نطاقه تنصهر الطاقات ، ولا شاغل لها سوى انتاج القدرة والمضاعفة الدائمة في طاقاتها وتوظيفها ، وكيف تغدو السياسة آلية التوظيف لهذه القدرة ، ومتى يكون الوعي على قدر المرحلة . |
#332
|
|||
|
|||
![]() السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . كيف حالك إن شاء الله دائما بخير ؟ نعم اريد ولكن يا دكتور انا احب اينشتاين اكثر من اي احد الا نضرته الى الدين وانا ارى مجهواداتك ولكن انا اعجز عن الرد عليك . وشكر
|
#333
|
|||
|
|||
![]() شكرا اخي وبارك الله فيك شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . [align=center][/align]
|
#334
|
|||
|
|||
![]() اسرائيل والبحث عن الردع النووي
بقلم : محمد يوسف جبارين( أبوسامح)..أم الفحم..فلسطين ولقد كتب الصحفيان البريطانيان ليونارد بيطون ، وجوهان مدكوس دراسة ، نشراها في كتاب ، وذلك في عام 1962 ، وعنونا كتابهما باسم ، يشير الى مضمون الكتاب ، وهو " انتشار السلاح النووي في العالم " . وقد كان ليونارد الكاتب العسكري ل " الجارديان " البريطانية ، وأما مدكوس ، فقد كان الكاتب العلمي . وقد أفردا في كتابهما فصلا كاملا لاسرائيل ، ويبدو من خلال ما كتباه ، أن المفاعل الذي أقيم في النقب ، وقريبا من ديمونا ، والذي بات يتسمى باسم "مفاعل ديمونا" ، انما يجوز القول فيه ، بأن له قدرة تساوي 24 ميغاواط حراري ، وأنه من نوع معين ، من المفاعلات التي كانت فرنسا ، قد صنعته واستخدمته ، وذلك هو المفاعل الفرنسي (جي -1) ، أو يكون من جنس المفاعل الكندي (ن.ر. اكس ) ، أو من صنف المفاعل الهندي (س.ي.ر) . وعلى المعلوم ، فان مفاعل الابحاث الكندي – الهندي (س.ي.ر) ، له قدرة حرارية ، مقدارها 40 ميغاواط ، وقد تم انشاؤه في بومباي في الهند ، وذلك وفقا لخطة كولومبو ، وكان بدأ تشغيله سنة 1960. أما ( جي -1)، فقد تم تشغيله في فرنسا عام 1956، وبلغت قدرته الحرارية ، 40 ميغاواط ، وأنتج كيلوغراما واحدا من البلوتونيوم ، كل عام . ويقرر الكاتبان ، بأنه حين اتضح في كانون أول من عام 1960، بأن الذي يجري بناؤه قريبا من ديمونا ، ليس الا مفاعلا نوويا ، فسرعان ما تكشفت كل الخصائص الأساسية ، لطبيعة ذلك المفاعل ، فوقوده من اليورانيوم الطبيعي ، والماء الثقيل لابطاء سرعة النيوترونات . ولكي تتم ملائمة المفاعل ، لحاجات اسرائيل ، فقد أوصت لجنة الطاقة الذرية في اسرائيل ، بأن يكون تخطيط بناء مفاعل ديمونا ، مثيلا لخطة بناء المفاعل الذري ( يل-3) وهو مفاعل أبحاث ، كانت فرنسا ، في ذلك الوقت تشرع في بنائه ، في بريست ، ومن صفات هذا المفاعل أنه يعتمد الماء الثقيل كمبطىء . وقد سارع - في ذلك الوقت – رأي في الأوساط الأميركية مفاده أن فرنسا ، سوف تزود قلب مفاعل ديمونا باليورانيوم ، على أن تستعيده ، بعد تشعيعيه ، وذلك للاستفادة منه في انتاجها لأسلحتها النووية ، الا أن الاسرائيليين أنكروا هذا الرأي بقولهم ، بأن تعهدا كهذا لم تعطه اسرائيل لفرنسا ، وحيث أن المفاعل ما زال في مراحل البناء ، فما زال هناك متسع من الوقت أمام الاسرائيليين لاتخاذ قرار بشأن الوقود . وما كان ذلك الرأي بلا بواطن ، ولا مقصود . فالادارة الاميركية كانت أعطت لاسرائيل مفاعل البركة ، والذي راحت تبنيه في وادي الصرار ( ناحل سوريك ) ، وكان هذا المفاعل في سنة 1960 ما يزال في مراحل البناء ، ومشروع كهذا ، بذاته مدعاة استقطاب للطاقات العلمية الذرية لدى اسرئيل ، وهذه بعينها جاءت في علاقة مباشرة مع الأميركيين الذين منحوا هذا المفاعل ، وهذا وحده كان يكفي لمعرفة القدرات المتوفرة لدى اسرائيل في هذا المجال . ومن هنا ، فان أهم ما انطوى عليه ذلك الرأي الأميركي ، هو أن مفاعل ديمونا فيما لو قام بناؤه ، فانه سوف يكون مقطوعا ، من أمامه ومن خلفه ، ما لم يكن هناك من يتعهد بأن يوفر له الوقود ، ليأخذه من بعد تشعيعه ليفاد منه ، وهذا الطرف ، لا بد من أن يكون فرنسا ، فهي التي أعطت المفاعل وهي التي تبنيه ، وهي الدائبة على حسم الخلافات بينها وبين الادارة الاميركية لصالحها ، بأن لا يعترضها أصدقاؤها وعلى رأسهم الولايات المتحدة ، وأن لا ينكروا حقها في بناء ترسانتها النووية . فبذلك دلل ذلك الرأي على توجهات فرنسا ، وعلى ما هو أخطر منه في نظر الادارة الامريكية ، وذلك عدم اكتراثها ، وغياب الحذر لديها ، من مغبة المساهمة في انتشار السلاح النووي ، وفي ذلك اتهام صريح لفرنسا ، بأنها لا تحسن السلوك في أخطر المسائل العالمية . وكان الرئيس الفرنسي ديغول ، بعد عودته الى سدة الحكم في فرنسا ، قد رفض أن يسمح للولايات المتحدة الأميركية ، بأن تنشر أسلحة نووية تكتيكية في فرنسا ، وأيضا أصر أن تستمر فرنسا في تطوير قدراتها النووية ، وأن تبتني لنفسها ، بنفسها سلاحا نوويا ، ليصبح في مدى الأيام قلب القوة الفرنسية الضاربة . وهذا ما استدعى الادارة الاميركية الى تحريك الأمور في هيئة الأمم ، والى صدور قرار عن الجمعية العامة لهذه الهيئة ، وذلك في 20 تشرين ثاني 1959 ، يطالب فرنسا بالتوقف عن التجارب النووية التي تجريها في صحراء سهارا ، وقد صدر ذلك القرار ، بموافقة 51 عضوا واعتراض 16 عضوا ، وامتناع الستة عشر الآخرين . وبرغم ذلك ، أجرت فرنسا عام 1960عدة تفجيرات نووية ، تراوحت قدراتها الانفجارية على النحو التالي : 60-70 كيلوطن ، 5-10 كيلوطن ، 2-3 كيلوطن .. ( كيلوطن تماثل ألف طن من المادة الانفجارية ت.ن.ت ) . وهذا النجاح عزز الثقة لدى الاسرائيليين بالطرف الذي سوف يقيم لهم المفاعل في ديمونا ، وزاد من تعلقهم بالآمال التي يعقدونها على مفاعلهم ، ولكنه أغاظ الادارة الاميركية ، وأفرح ديغول ، الذي عبر عن ذلك باعلان ، قال فيه ، بأن ذلك النجاح انما كان ثمرة للجهد القومي الذي زاد في قوة الدفاعات الفرنسية والغرب عموما ، وبفضله تبوأت الجمهورية الفرنسية مقاما يتيح لها ويمكنها من التأثير على الدول الذرية ، في اتجاه نزع شامل للسلاح النووي ، وأيضا ديغول أرسل رسالة الى بييرغيوما قال فيها : " الفخر لفرنسا ، فبدءا من هذا الصبح ، فانها أكثر قوة وأكثر عزة ، ومن قبلي تحيات ، لكل الذين منحوا فرنسا هذا النجاح الباهر " . وجدير بالذكر ، أن السخط الذي كانت تبديه بعض الدول الافريقية في أروقة هيئة الأمم ، وعلى الأخص منها غانا حيال انفجارات نووية تجري على أراضيها ، لم يجد له أحدا يرقى الى الاهتمام به . ويبدو أن أحكام المقام الذي تبوأته فرنسا ، في ضوء تحولها الى دولة نووية ، وما كانت تصبو اليه من مرتبة دولية وجد ديغول ، أن الضرورة تقتضيه أن يجري تعديلا في سياسات فرنسا النووية ، وكان من ضمن ذلك ما له صلة بالمفاعل الذي تعهدت فرنسا أن تقيمه في النقب . ففي 14 أيار من عام 1960 ، تلقت حكومة بن غوريون رسالة من ديغول ، يطالب فيها الحكومة الاسرائيلية ، بأن تعلن على الملأ عن مفاعلها ، وأنها توافق على جعل المفاعل تحت اشراف دولي . وهذا ما دعا بن غوريون الى الحضور الى باريس ، وذلك في 13 حزيران ، لالتقاء ديغول ، فلعله يثنيه عن قراره . وقد كانت ارادة ديغول حاسمة بهذا الشأن ، ولم يكن أمام بن غوريون ، بعد عودته من باريس الى اسرائيل ، وبعد مشاورات أجراها داخل الحكومة الاسرائيلية ، وداخل جهاز الأمن الاسرائيلي ، الا أن يقوم في كانون أول من نفس العام ، بارسال شمعون بيرس الى باريس ، وذلك لاستكمال ، ما لم يمكنه هو في غضون حضوره في باريس أن يتوصل اليه . والتقى شمعون بيرس ، كوب دي مرويل وآخرين ، والتزم أمامهم بأن تقوم الحكومة الاسرائيلية ، بالاعلان عن المفاعل ، بأنه مفاعل أبحاث ، في مقابل استمرار المساعدات الفرنسية لاسرائيل . وفي كانون أول ، نفس الشهر من نفس العام ، وتحت ضغط من ادارة الرئيس الاميركي ايزنهاور ، وجد بن غوريون نفسه ومعه وزير خارجيته غولدا مئير ، بصحبة موظفين أميركيين يساعدانهما في صياغة نص البيان ، الذي سوف يلقيه بن غوريون ، ويكشف فيه على الملأ ، عن طبيعة المفاعل . لقد كانت الولايات المتحدة قريبة جدا من اسرائيل ، ومن مركز الأعصاب فيها ، وكان بمقدورها أن تلحظ وأن تستفسر وأن تعرف . وليس يهمنا هنا في كثير أن نعرف كيف عرفت الادارة الاميركية بوجود مفاعل يتم بناؤه في النقب ، فسواء عرفت من طائرة الاستطلاع الاميركية يو2 ، أو من غيرها ، أو من فرنسا ، فلن يضيف هذا الأمر الى موضوعنا شيئا . لقد عرفت وهذا يكفي ، عرفت وسارعت مطلع عام 1960 الى احتواء الأمر كله ، سألت في فرنسا ، وسألت في اسرائيل ، وأنزلت ضغوطها هنا وهناك وسمع بن غوريون وغيره ، وأيضا غولدامئير ، من الادارة الاميركية كلاما واضحا ، لا لبس فيه ولا غموض ، ولا بالامكان ليه أو ثنيه ، ولا حتى تأويله على غير ما جاء عليه ، وكان الكلام على المفاعل وصيغة الكلام لم تكن معهودة من قبل . كان الكلام واضحا وله معنى مفهوم ، وهو أن تطوير قدرة نووية اسرائيلية لأغراض سلمية هو ما تؤيده وتدعمه الادارة الاميركية ، أما أن يكون تطوير قدرة نووية بغرض انتاج سلاح نووي أو امتلاكه ، فهذا ما تعترض عليه هذه الادارة ولن تجيزه . وكانت لتلك الادارة دواعيها وقناعاتها ومبرراتها ، فمبدأ ايزنهاور الذي ينحو سياساتها في الشرق الأوسط ، هو مبدأ أصيل لا محيد عنه ، وذلك لأنه يعني أن تهيمن الولايات المتحدة على هذا الشرق ، وعلى هذه البلاد العربية الغنية بالبترول والتي وصفوها في داخل البيت الأبيض بأنها أرض قد تصادف وجود بشر عليها . فكل ما لايدعم تحقيق هذه الهيمنة ، وكل ما يتشكل في شكل عقبة سوف تعيق ، أو عارض سوف يعترض ، فهو مرفوض ، ويولد في وعي هذه الارادة دافعا يدعو الى التصدي له أو تحييده جانبا ، وعزله وذلك الى أن تأتي فرصته ويتم التعامل معه . وحيث أن اسرائيل ، قد تبندت بين عناصر القوة في الاستراتيجية الاميركية الموكلة باحتواء المنطقة العربية برمتها ، فليس أن تبني اسرائيل قدرة نووية تستطيع تطويرها ، وتحويلها في مستقبل الايام الى حال تقترب به من انتاج سلاح نووي ، ولكن لا تنتجه ، ليس هذا الذي استجمع الارادة الاميركية فاعترضت ، فهذا لا يقع خارج نطاق التسامح الاميركي مع حالة قد تغدو بمثابة " حالة خاصة " في كل ما يتصل بالدعم الاميركي القادم . لقد كانت للادارة الاميركية حساباتها ، وموازينها الخاصة بها ، فانتاج اسرائيل لأسلحة نووية بالاضافة الى أنه سوف يقلل من تأثير الولايات المتحدة على حليفاتها الصغار ، فانه بالتأكيد سوف يؤدي الى " فقدان السيطرة " في منطقة ساخنة وهامة مثل الشرق الأوسط ، وفي مناطق أخرى من العالم ، وذلك يعني أن يكون مصير العالم خارج نطاق السيطرة الاميركية ، فهذا السلاح النووي ، اذا انطلق من عقاله ، فان أحدا لا يدري الى أين يؤول المصير . المخاوف من انتشار السلاح النووي كانت كبيرة وقد شهدت الجمعية العامة للامم المتحدة في جنيف ، في ذلك الوقت مداولات بهذا الشأن ، وقد كان قدح الكبار بعضهم ببعض ليس بسيطا ، فكل ألقى على الآخر تبعات ما تم انتشاره من ذلك السلاح في العالم . وبرغم ذلك كانت الولايات المتحدة ومعها الاتحاد السوفياتي ، يعملان على اقامة نظام عالمي لمنع انتشار السلاح النووي في العالم . وذلك لينضاف هذا النظام الى الوكالة العالمية للطاقة الذرية التي كانت قد أقيمت ، وباشرت أعمالها منذ عام 1957 . وكانت ادارة كنيدي ، ومنذ عام 1961 قد جعلت من العمل على منع انتشار السلاح النووي قاعدة مركزية في سياساتها الخارجية ، بل أولتها اهتماما لا يفوقه أي اهتمام واستمر هذا الحال على حاله في ادارة جونسون . وفي عام 1963 تم التوقيع على " اتفاق الحظر الجزئي لاجراء تجارب نووية في الغلاف الهوائي " . لقد أطلت المخاوف مكشرة عن أنيابها الرهيبة ، وبات الاحساس بالرعب من هذا السلاح ، يثير حساسية مشوبة بالحقد . فأن تكون هناك دولة تحاول أن تبتني قدرة نووية ، وتأتي الادارة الاميركية اليها تريد أن تمنعها من ذلك ، أو أن تحتويها ، أو تحتوي مشروعها النووي لتضعها أو تضعه ، في النصاب الذي ترتأيه ، وترفض هذه الدولة الخضوع لارادة تلك الادارة ، فذلك معناه أن الحقد في داخل تلك الادارة ، قد بدأ يفتش له عن كوة يندلق منها على تلك الدولة وعلى مشروعها . فهل تراهم المالكون لذلك السلاح تحولوا الى أسارى بيد تلك المخاوف ؟! أم أن اسلوب استبداد وسيطرة ، قد أتاحه ذلك السلاح ، وانما هم يوظفون هذا الاسلوب في اغتنام فرص ما تهيأت لهم من قبل ؟! البادي هو الاحساس بالخطر ، وهذا مبرر وسبب لذاك الاسلوب . والقلق على المصير حق مشروع ، وفقط أن يفهم هذا القلق ، قلق الآخرين على مصيرهم هم ، وهذا ما لا يتفق وذلك الاسلوب ، لأنه ينتزع منه شرعيته ، وهو لذلك قلق لا تستوعبه الادارة الاميركية ، ولا تفهمه ، وانما تفهم مصالحها ، وتوظيف ذلك الاسلوب ، وغيره من اساليبها في تحصيل هذه المصالح ، مثال ذلك مجال الصواريخ والمجال النووي ، وهما مجالان للبحث العلمي ، وكانت مصر قد شرعت بهما في أواخر الخمسينيات ، ومطلع الستينيات ، وكانا لما يتجاوزا بعد مراحل البداية ، ولكن الادارة الاميركية قامت اليهما تطوقهما وتضربهما وتنذر مصر شرا لا يطاق ، لقد حرصت الولايات المتحدة على تقويض مقومات أمن الجماعة العربية ، وهي ما زالت كذلك ، وما عنصر من عناصر القوة لأمن هذه الجماعة الا وتكيد له كيدا فظيعا . ونلاحظ بأن هذه الدولة العظمى ، ما زالت تسعى الى السيطرة على هذه الكرة ، وبيدها أخطر سلاح في التاريخ ، وتملك منه ما به تستطيع ، لو شاءت ، ولن تستطيع ، أن تدمر العالم مرات ومرات ، ويكفي مرة واحدة . ونلاحظ بأن هذا السلاح النووي ، قد رسب في سلوك الادارة الاميركية وأرسى فيها قناعة مطلقة ، وهي أن فقدان سيطرتها على ما تملكه من سلاح نووي ، وما لا تملكه ، انما يعني أن دبيب الكارثة بات مسموعا في البيت الأبيض ، وأن هذا الدبيب يعني أن الكارثة شدت رحالها الى الولايات المتحدة . ونلاحظ في مباني الفكر التي نسجت سياسات نووية للولايات المتحدة أن بؤر التوتر ، في بقاع العالم المختلفة ، يجب أن تكون خالية من السلاح النووي ، وخالية حتى من امكانية انتاجه ، وهذه مهمة السياسة الخارجية للادارة الاميركية ، وهذه مهمة السياسية الخارجية ، وهذه المهمة الموكلة بتحقيق هذا الهدف مبررة ، بأنه اذا أصبح هذا السلاح في متناول " الصغار " ، وتم استحدامه أو التلويح به من جانب طرف ، ضد طرف آخر ، بالتهديد أو بالفعل ، فذلك يمكنه أن يسحب الكبار ، وعن غير رغبة منهم الى التورط ، بأخطر الأسلحة في نزاعات اقليمية ، فليس من مصلحة الكبار أن يمتلك الصغار سلاحا نوويا ، ومنعهم من امتلاكه هو جزء من أمن الكبار ، وجزء من سيطرة الكبار على مناطق العالم المختلفة ، والتفريط بذلك هو بعينه تفريط بهذا الأمن ، وفقدان لهذه السيطرة . وكان يعني ترك اسرائيل مندفعة ، في استجلاب امكانيات البناء لقدرة نووية عسكرية ، معناه بث قلق حقيقي في دول المنطقة ، وايقاد اندفاع جارف نحو بناء مماثل ، وبفارق الامكانيات ، لا بد وأن يكون أضخم ، وهذا سوف يجعل المنطقة في مستقبل الأيام ، بؤرة توتر رهيبة تنذر بحرب نووية تجرف العالم معها الى الهاوية ، وأيضا ومن مسافات بعيدة من حافة الخطر والانزلاق الى حال كهذا ، فانها تغدو منطقة غير ميسورة الاحتواء وتصعب السيطرة عليها . وهذا تعاقب حوادث وتطور منطقي ، ولكنه يتنافى ورغبات الولايات المتحدة ، بل وينسف مصالحها ، ويقضي على كل تأثير سياسي لها على هذه المنطقة ، وينطوي على خطر حقيقي يتهدد الولايات المتحدة نفسها ، واذن على اسرائيل أن تفهم ذلك وأن تعيه ، وأن تتحاشى الخلافات بين أهداف الاستراتيجية الاميركية ، وبين أهداف الاستراتيجية الصهيونية العالمية ، والتوافق بين هذه الأهداف وتلك ، هو الأجدر بالاهتمام والتأصيل ، واسرائيل من مصلحتها أن تكون بتفكيرها وقرارها ، حيث الالتقاء والاتفاق في طبيعة الأهداف ، وذلك ما يضمن لها الولايات المتحدة الاميركية أن تكون الى جانبها ، وليس فقط في قضايا الأمن ، بل في قضية وجودها كلها. واما اذا حسبت اسرائيل بأنها بامتلاكها سلاحا نوويا تكون قد خرجت من دوامة الأمن مستقرا ، وأن العرب والمسلمين ، من حولها ، سوف يقولون في أنفسهم ، بأن اسرائيل بيدها سلاح نووي ، وما لنا من أنفسنا حول ولا قوة ، وليس لنا الا أن نقعد بعيدا عن مناهزتها ، فأي مناهزة لها من جانبنا سوف تميط علينا كارثة ، فلا يبقى منا سوى اشلاء ممزقة متناثرة في أرجاء بلادنا ، اذا حسبت اسرائيل هذا الحساب فقد أضلها حسابها . فالسلاح النووي ليس مطلقا ، وليس بمكنته أن يحقق أمنا مطلقا ، فما هو بالسلاح الذي يجيز طلاقة القدرة في استعماله أو التهديد به ، عند كل سخونة للنزاع بين اسرائيل وجيرانها ، ولا حتى في حالات اندلاع حروب محدودة النطاق والأهداف . ولو أن اسرائيل تستطيع استقطاب العلماء واستجماع المال ، واستجداء التكنولوجيا ، وتقدر على بناء ترسانة نووية تطال المنطقة العربية كلها ، فان هذه الترسانة لن يكون في مقدورها أن تردع العرب ، ولا أن تحجبهم عن حقوقهم ، وذلك لأن كرامتهم مجروحة ، والمهانة تفترش وجوه زعامتهم ، ومنهم حتى أولئك الذين توسدوا ، وتلحفوا الأجنبي ، وتنمطقوا بعناصر قوته ، فهذه الشعوب العربية ، برغم ما تبدو عليه من بؤس الحال ، فانها تعرف كرامتها ، وتعتز بماضيها الزاخر بالعزة ، وتريد مستقبلا مثيلا له . ثم ان هذه الترسانة التي نفترضها تحت الحاح الحوار ، فبمجرد ظهورها حقيقة قائمة بالفعل ، فسرعان ما يتصدر الأمن الجماعي العربي أولويات القلق على المصير ، والتنبه الى الخطر ، والصحوة التي لا تهدأ ، وذلك في كل ركن من أركان الوطن العربي والاسلامي . وسرعان ما يغدو الحاح الأمن عاصفا ، وموجها لكل الطاقات في اتجاه الخلاص من دوامة الأمن ، وقد تأزم حالها ، واضطرب بظهور " تلك الترسانة " . وتغدو الوحدة العربية والاسلامية في حال مولود في بطن أمه ، وتوشك أن تدب قدماه على الأرض ، فتعرفه الدنيا ، وهي الوحدة التي يا طالما برمت بها اسرائيل ، ووجلت من سيرتها ، وخشيت على نفسها منها ، وعملت ضدها ، ورغرغ صدرها طربا بكل ما ابتعد بها عن ميلادها .. هذه هي الوحدة تدنو وتقترب ، ودنوها واقترابها يحصل بسبب الخطر الداهم الذي أنشأته اسرائيل في النفسية العربية والاسلامية . فعلى اسرائيل أن تحاذر ، وأن تفهم خطورة نزعتها النووية ، على نفسها ، وعلى أصدقائها . وأما اذا الظنون والحسابات الخطأ ، قد جعلت اسرائيل تتصور بأن السلاح النووي الاستراتيجي ، فيما لو أصبح في حوزتها ، فانه الرادع الذي به سوف يرتدع العرب ، ويكفوا عن أفكارهم وأحلامهم المستنبتة في أمخاخهم بأصداء تاريخ يرونه مجيدا ، فيقبلونها كدولة ، وكجارة جارت وتجور ، ويتعاونون معها مثل ما أن الدول تتعاون فيما بينها ، فان هذا يختلف ، ولا يدعو الى امتلاك سلاح نووي استراتيجي ، ولا يدعو الى تصنيعه ، حتى وان توفرت قدرة على ذلك ، والسبب هو أن العلاقات السوية بين الأسوياء ، لا تستوي ، ولا تنبض فيها حياة صحيحة تحت ظلال التخويف والاكراه . ولعمري ذلك النوع من السلاح يشكل ضاغطا مرفوضا واكراها غير مستساغ ، ومبررا يحفز الى امتلاك مثيل له ، استقبالا لمواجهة لربما تنشأ عن تردي تلك العلاقات وتصدعها ، وذلك فيما لو كان لها أن تقوم . وماذا تفيد قنابل النيوترون ومعها كل السلاح النووي التكتيكي في مواجهة الفلسطينيين ؟! فهؤلاء لن يكفوا عن مناهزة اسرائيل ومطالبتها بحقوقهم ، طالما أنهم في وضع الغرباء في أرضهم ، وفي وضع الغرباء في الغربة . ان الفلسطينيين يديرون صراعا ، لا يسمح باستخدام سلاح كهذا ضدهم ، ولا التلويح به يمكنه أن يبني رادعا يرتدعون به ، وذلك لأسباب كثيرة ، ويعرفها الجميع ، ومن بين هذه الأسباب ، الجغرافيا ، وتوزيع السكان فيها ، فان لهما من الأحكام ما ينسف ذلك الردع ، وينسف ذلك الاستخدام ، ويحيل السلاح النووي ، فيما لو كان موجودا ، لدى هذا الطرف أو ذاك ، الى اضافة غير مرغوبة ، بل ومرفوض اقحامها كعنصر من عناصر الصراع الدائر بينهما . وأما اذا هم قادة الأمن والسياسة في اسرائيل ، قد استأسرتهم هواجس وشكوك ومخاوف من زمن تجد اسرائيل نفسها فيه ، وقد أحاطت بها جيوش عربية من كل ناحية ، وفي مكنتها بالاسلحة التقليدية هزم جيش اسرائيل ، فان السلاح النووي بيد اسرائيل ، يغدو بمثابة الملاذ الأخير الذي تلجأ اليه اسرائيل ، فتدحر هذه الجيوش العربية ، وتبيدها وتحفظ وجود اسرائيل . وبظني أن افتراض مشهد كهذا للتناحر ، انما يقام لاقامة مبرر لامتلاك سلاح نووي ، وهو مبرر ينطوي على خطأ في تقدير الأمور وحسابها . والمغالطة تكمن في ربط استخدام السلاح النووي بحفظ الوجود ، ولو قيل للردع المتبادل لاختلف شأن المغالطة التي أعنيها ، فثمة ظروف للمناحرة كالتي أوردها بن غوريون ، انما تنم على عقلية تشرتشلانية ، لم تسمح لها ظروفها ، بأن تفهم طبيعة السلاح النووي ، وقد رسب في وعيها ذلك السلاح كعنصر من عناصر القوة في الصراع ، ولكنه يمتاز بشدة الدمار الذي يمكنه أن ينزل في صفوف الخصم . ففي ظروف مشهد كذلك الذي ذكره بن غوريون وأوردناه ، لا يكون اختيار قادة اسرائيل بين الوجود أو عدمه ، وانما بين الكارثة وبين التنازل عن اسرائيل ككيان سياسي ، وهنا مؤشر أفعل التفضيل سوف يشير الى التنازل عن الكيان السياسي وحفظ الوجود بلا دولة ، وسقوط فكرة الاستخدام للسلاح النووي تكون واجبة ، والسبب هو أن استخداما كهذا سوف يقابل بالمثل ، ويصبح الاستخدام بذاته استجلابا للكارثة ، ولن يجيزوا لأنفسهم أن يكونوا سببا في تشكلها . ثم ان العرب بكثرتهم ، وبسعة بلادهم ، لقادرون في لحظات حاسمة من التاريخ ، أن يستوعبوا ضربة نووية أولى تنزل بهم ، من جانب اسرائيل ، لكن مشكلة اسرائيل ، بأنها لا يمكنها أن تستوعب ردهم على ضربتها الأولى بضربة نووية مماثلة أو بأقل منها ، ومرة أخرى ، الجغرافيا ، والسكان ، وعلاقتهما بالأمن والعناصر اللازمة لتحقيقه . وكذلك الردع ، فان له صلة وثيقة بالمقدرة على التحمل ، ولنفترض أن اسرائيل والعرب سوف يمتلكان في زمان قادم سلاحا نوويا ، ويتحقق فيما بينهما توازن نووي ، وهنا فان الطرف الأقدر على التحمل ، فيما لو أبدى استعداده أن يتحمل ضربة من جانب خصمه الذي لا يحتمل ضربة مثلها ، فانه في لحظات الأزمات الفوارة لقادر على حرف ميزان الردع لصالحه ، وذلك فيما لو استطاع اقناع خصمه بأنه عازم بالفعل على تنفيذ تهديده ، واذا تم له تحصيل هذا ، فيمكنه عندئذ أن يملي شروطه . ومن ذلك كله ، وعلى أي دائرة فكرية تدور ، وعند أي احتمال تتوقف ، وتتبصر الأمور وتحلل معتمدا الاسلوب العلمي في البحث في معقولية النزعة الاسرائيلية الى سلاح نووي ، فانك تصل الى أن فكرة الحاجة الى سلاح نووي لا تجد ما يبررها ، أو يدعمها ، ناهيك الى أن بناء مشروع نووي متكامل ، وبطاقات ذاتية ، وبهدف صريح ، هو تصنيع قنابل نووية ، في حد ذاته مشروع كبير ومتشعب الجوانب ، ويحتاج طاقات مادية وبشرية وعلمية هائلة . والعلماء والفنيون ، لو وجدوا في فترة من الزمان ، فانهم بشر ، يهرمون ويموتون ، ولذلك ثمة مشروع ضخم كهذا يحتاج الى مؤسسات علمية توفر الطاقات العلمية ، والفنية على الدوام ، وذلك لكي تضمن استمرار المشروع النووي ، وتضمن امتداداته ، وأيضا هذا جانب يحتاج امكانيات مادية ضخمة ، ناهيك عن مشكلات المشروع النووي ، بدءا بمشكلة النفايات النووية ، ووصولا الى احتمالات تسرب الأشعة النووية ، في بلد صغير ، فحالة واحدة كهذه يكون لها آثارها الخطيرة جدا . .................................................. ........... ملاحظات ( توضيحات ) : ( 1 ) : لانتاج قنبلة نووية (أو سلاح نووي ) هناك حاجة الى مادة نووية انفجارية ، وفي هذه الحالة يتم تحضيرها من مادة اليورانيوم الطبيعي ، فهذا موجود في الطبيعة على شكل خليط من يورانيوم 238 بنسبة 99.3% ، ويورانيوم 235 بنسبة 0.7% ، ففي حال مفاعل نووي يمكن تشعيع اليورانيوم الطبيعي ( يتم استخلاصه وتهيأته على شكل قضبان توضع في قلب المفاعل ويتم تشعيعها بواسطة نيوترونات حرارية ، ومن ذلك يمكن استخلاص بلوتونيوم 239 ( ذرة يورانيوم 238 تبتلع نيوترون وتصبح بلوتونيوم 239 ) ، بواسطة تقنية خاصة بذلك ، والبلوتونيوم هذا هو المادة التي يراد الحصول عليها من اجل صناعة قنبلة نووية . ( 2 ) : وكذلك يمكن استعمال يورانيوم 235 في انتاج قنبلة نووية ، لكن طريقة استخلاص هذه المادة من اليورانيوم الطبيعي مختلفة ، فهناك عدة طرق ، منها تحويل اليورانيوم الطبيعي الى فلوريد اليوراينوم ( فلوريد يورانيوم 235 وفلوريد يورانيوم 238 ) وهو غاز ، وبتقنية معينة يمكنة فصلهما للحصول على فلوريد يورانيوم 235 ثم استخلاص يورانيوم 235 ، ومن التقنيات المستعملة هي طريقة الطرد المركزي( السنترفوجا ) ، التي شاع ذكرها في خلال الحديث عن العراق أو ايران ، وهناك طريقة ( الانتشار الغازي ) وما الى ذلك ، وهي تقنيات حين ذكرها ، تترافق مع كلمة تخصيب ، أو تثرية . |
#335
|
|||
|
|||
![]() السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
:a_plain111:بارك الله لك أخي على هذا المجهود الرائع |
#336
|
|||
|
|||
![]() " نسيان " وأحلام مستغانمي
واذكري " ليلة الجدي " هو الحل بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح) ..أم الفحم ..فلسطين " نسيان . com " ، هو كتاب للأديبة الجزائرية أحلام مستغانمي ، وهو في موضوعه الذي يتناوله في جانب مختلف ، عن ثلاثية الكاتبة الشهيرة ( ذاكرة الجسد ، فوضى الحواس ، عابر سرير ) ، والتي على ما يبدو كانت الوجه الأدبي الذي رسب في الوعي العام للأديبة ، وهذا بعينه ما شكل تصورا أو قياسا ، لدى كثيرين ممن أقبلوا على كتاب " نسيان " حال صدوره ، فكانت دهشتهم ، اذ لم يجدوا في نسيان ، ما ظنوه في انتظارهم ، فلقد جاء " نسيان " ، متناولا الحب في جانب منه ، لكنه ليس بحال مثيلا لأي من الأجزاء الثلاثة للثلاثية الرائعة ، فبدت تساؤلات تجلت في ملاحظات ، وفي مقالات ، وهي في كثير منها ، تطل بالدهشة الناطقة بالسؤال : ماذا دعا الى هذا ؟ وماذا جرى للمقدرة الأدبية للأديبة ، ولماذا هذا الاختلاف ؟ ، ولماذا لم يأت نتاج الأدبية ، بذات النسق ، وبذات الموضوع وبذات التناول أو ما يشبهه ، وكأن عقل الأديبة وابداعها يتوجب أن يكون مقصورا على وجه من الفن الأدبي ، فلا يتجاوزه ، وهذا ما لا لم يقل به ، ولن يقول به ذو باع طويل أو قصير في الأدب ، أو في كتابة في أدب ، أو علم ، أو ثقافة أو صحافة ، أو ما حلى للعقل أن يجوبه من وجه من خيال أو واقع ، وبازاء تلك الدهشة الهائمة ، بكل لا دراية في بناء فني لنص ، ولا باتجاهات الفكر وتناولاته ، واطلالاته ، ليعجب الانسان من تأويلات وترهات ، واسقاطات على بناء فني ، لم يعيه القائل بها ، ولم يدرك كنه ، ولا حتى فطن ، بأن من ليس به ما يمكنه من أن يعقلن ما يحاول أن يتعلقه ، فالأجدى له أن يعود الى العقل لأعادة تأسيسه ، على ما يؤهله الى تناول يكون مستقره نتاج عقلن يتعقلن عقلنة ، فليس كل منطوق بالضرورة قولا يجاز أخذه على أن عقلا يجيزه أو يرتضيه ، وهو ما لا يدركه اللاعقل ، فهو اللاعقل الذي من براعتة ما لا يعقل ، فنص هنا ونص هناك ، فيما لو استوى على هذا أو ذاك السؤال ؛ فما صلته بما يتناوله ، فلا غير استواء العقل على ، أن يكون فض النزاع مع النص ، بالغاء النص من رتبة حاول أن يتبوأها ، أي انتزاعه ، من كون محتواه بما يقال فيه له أدنى صله بما يتوهمه بأنه يعنيه ، وغير ذلك من ملفوظات تائهة عن معنى لها ، من مثل " فوضى النسيان " ، كوصف حائر تائه عن معنى ، لسرديات الأديبة في كتابها " نسيان " ، وثمة لفظ كهذا يستدعي التساؤل ، فما فوضى ، وما نسيان ، وما المعنى الذي يستوي عليه نتاج اقترانهما معا ، وما صلة هذا الاقتران بكتاب " نسيان " ، للأدبية البارعة في السرد ، وفي انتقاء البناء الفني واحكام حلقاته ، وكيف جاز لهائم على رؤوس موج من جهل ، أن لا يعرف ، بأن جهله ، انما هو فاصلة بينه وبين المعرفة ، أتراه بلغ الجهل عماء بصيرة ؟ ، لربما ! ، فغالبا ما الجهل ينبه من اتخذه نطاقا له ، بأنه الجهل الذي لا يمكنه الا أن يجعل صاحبه جاهلا ، فأي جهالة هذه التي باتت تجهل جهلها ، وأصبحت تظن في ذاتها مقدرة على الاستواء على تقدير وتبيان وتصدير أحكام ، أفحكم الجاهل يمكنه أن يكون ، بغير دلالة على حال نفسية وعقلية حطت به على غير بصيرة ، لتحكي لنا قصتنا في هذا الزمن مع جهالة جهلاء تنهش في لحم الابداع كله . فليس ثمة معنى لجملة فوضى النسيان ، فهي جملة يصعب أن يجد لها العقل في الواقع ما يبين عن معنى لها ، فهي مثل كثير من الجمل العربية التي اعتاد العربي أن يقولها ، فاذا دنوت من سؤال عن معنى لها ، أصابه التفات الى صورة في وعيه خالية من صلة بواقع ، ليدلل على ما يقصده بقوله تلك الجملة ، واذا مقصود الدلالة للجملة على معنى معين ، أو على سردية في كتاب نسيان للأدبية أحلام مستغانمي ، فبالامكان النظر عميقا في سرديات الكتاب من أوله الى آخره ، لكي نجد بأنه محكم في سردياته منظم في فكراته ، وبأن كل السرديات والفكرات التي اشتملتها ، للدلالة على حالة انسانية في واقع ، أو لتبيانها ، لاكتناه موقف في مواجهة وضعية انسانية معينة للمرأة العربية ، فانما قامت بها الكاتبة أحلام مستغانمي ، بذكاء وبلغة متلهفة على السرد ، ما يجعل القارىء يتلهف على المزيد من القراءة ، وعلى المزيد من الانتباه ، فليس ثمة تناقض في السرد ، ولا في عرض الفكرات التي تريد أن تجليها الكاتبة ، ولا ثمة فوضى في الترتيب ، ولا في انسياق نظام التواتر للفكرات في السرديات ، بل هي تصب معا في غاية محددة للكتاب ، فالكتاب له بنائية محكمة ، وهي قد تشكلت ببراعة الكاتبة ، على ما يخدم غاية اقتضتها أن تصب فيها ، فلا فوضى في الفكر ولا في البناء الفني ، وليس ثمة تناقض ، في مجرى السير بالكتابة ، في اتجاه غاية قام من أجلها الكتاب ، ولربما الفوضى تبدو في خيال قارىء أو متبصر ، يحاول أن يمتد بنظره الى وضعية المرأة ليشمل ما في الحياة منها ، فيعجب لكل ما يموج به خياله من تصورات ، فلا تنتظم له ، بل تتداخل وتتعارك ، فيتوه في داخل اشكالية استولدها له خياله ، بسبب من عدم تدخل من عقله في هيئة منظم ثم باحث ثم مكون لحكم ، وهي خصيصة عقل يتصور بخفة وبهلهلة بلا نزعة الى فهم ، وانما برغبة من اطلالة مشوقة ، تحل في فراغ وقت جانح الى تهافت ، وهي حالة لا علاقة لها بالكتاب ولا بالكاتبة ولا بما كان له الكتاب . ولقد لفت انتباهي قراء عديدون الى استعجابهم من تفاوت بين الثلاثية وبين كتاب نسيان ، وبرأيهم أن الكاتبة واحدة فكيف اللغة هنا والسرد هنا ، والبناء الفني هنا في نسيان مختلف جذريا ، عنه في الثلاثية ، وبرأيهم بأنهم حين أخذتهم اللهفة على كتاب جديد للكاتبة ، قد أخذتهم بوازع من أثر الثلاثية في نفوسهم وعقولهم ، ولكنهم فوجئوا بما هو مختلف ، ولقد أجد العذر الى هؤلاء فهم بالضرورة ليسوا ممن برعوا في كتابة ، وانما في تذوق رواية أو نص فهم مقبلون على قراءة ما يستهوون ويحبون ، فليسوا ممن لهم صلة عميقة بتكوين حكم في نص ، فتساؤلهم به من دلالة على مستوى وصلوه ، وهو ما يدعو الى لفت انتباههم الى أن ما يقولونه صحيح ، لكن استعجابهم يزول حين يدركون بأن الثلاثية انما هي حكاية وطن ..حكاية شعب ، والكاتبة بازاء وطنها وشعبها ، اختارت ما يتفق من بناء فني ولغة وسرد ومفاهيم في جملتها شكلت الحكاية ، لكن " نسيان " ، هو كتاب له خصيصة مختلفة بتة ، فهو يقترب بتناوله للحب على اطلاقه ، ولكنه ليس كتابا في وجوه للحب وفقط ، وانما هو يتمركز في وضعية للفتاة أو المرأة في جانب من هذا الحب ، وهو العذاب الذي يظل كنار تتقلى عليه الفتاة أو المرأة تحت ظروف شتى ، وهي نار الشوق والوفاء ، فالحب له وجه وفاء ، وهذا باب اعتصار للنفس وبالتالي عذابها ، وهي عذابات ملأى بالمرارة وبالشوق أو بالرغبة على استواء الحس على علاقة سوية مع من ينحو نحوه الحس ، فثمة آخر وهو الذي تسبب بالعذاب ، بصرف النظر ، كان ظالما أم مظلوما ، فالحب لا يفهم سوى ذاته ، فهو الحب الذي لا يعترف بعارض ، فهو قوة نفسية عابرة للحدود ، لا حد يمكنه أن يحد من حب ، ولا تبرير يمكنه أن يكون مبررا لدى حب ، فالحب هو الذي يأخذ بجماع النفس وينحو بها بملء ما به من معان الى من هو الحبيب ، حتى وان قسى بهجر أو بقطع صلة ، فهو الحب الذي يمتلك النفس ، ولا حول ولا قوة لعقل بحال نفس تحب ، فالعقل تابع لا متبوع ، فعقلنة الحب ضرب من وهم ، فهكذا يبدو للحبيب ، فهو مرتاح في حبه ، فهو الحب الذي يشعله ويضيء له الحياة ، بطريقة لا يمكنه معنى آخر، أن يقوم بمثل ما يقوم به هذا الحب ، فأحضان الحبيب هي الدنيا وما فيها ، فهكذا يتراءى لمن أحب ، فهو بالحب يملك الدنيا ، بل يملك كل ما يريده من هذه الدنيا ، ومن هنا الاحساس بالحرمان ، حين البعاد أو الهجر أو القطيعة أو ...، فنشأة العذاب في النفس كثيرا ما أدت الى حالات نفسية تحتاج الى من يعين ، وهو العون المظنون بأن به خلاص من حس عميق اسمه الحب ، فكيف ؟ ، وهل ثمة شفاء من حب ، فهو الذي لا شفاء منه ، فهكذا تذهب الظنون ، وعلى الأخص منها ظنون العاشقات ، فكثيرة هي العذابات التي تتشعب ألوانها في نفوس معذابات ، وكثيرة هي في الواقع السرديات لعاشقات ، ومن أحببن ، فثمة سير كثيرة ، تحتاج الى سرد يتعقلن ما لا تراه العاشقة نفسها ، بأنه القابل لعقلنة ، لكنه رأي ووجهة نظر عقل يطل على مشهد عذاب لعاشقة أمامه ، ويرى بأن هذه العاشقة تحتاج الى معونة من فكر ، يساعد في هكذا حال ، وهكذا يذهب من بهم اطلالة على أحوال العاشقات ، فبظنهم ثمة عقل يجب أن يأخذ دوره ، ولا بد لهذا العقل من أن يطل على عقل العاشقة ، ليخرجها مما هي فيه ، من ذوبان في عشق، أصبح في حكم عذاب ، فهو عشق أو حب لطرف أدار ظهره ، ولم يعد في حقيقته طرفا في علاقة بهذا الحب الذي تتقلى العاشقة على ناره ، فالاكتواء المستمر بنار حب كهذا لا بد من أن يتوقف ، فكيف ، فهنا البذل ضمن الصياغة أو الابداع لهذه الكيفية ، وهنا كان دوما دور النزوع الى تقديم عون لهذه العاشقة ، وكذلك كان أداء علماء نفس ولم يزل في أحوال حب كثيرة ، فهي الكيفية التي يراد لها أن تكون فالحة في تحقيق خلاص عاشقة من عشق يمرمرها، فما هي هذه الكيفية ، وهل يمكنها أن تكون بملء المراد منها ، من استخلاص نفس عاشقة ، من حب استحال نبع مرارة ، تمزق في حياتها ، فهي انسان ومن حق هذا الانسان الأنثى أن تستوى له الدنيا ، فلا يجب أن يكون ضحية طهارة نفس ، ولا ضحية وهم ، ولا ضحية من أي قبيل من ذلك فهي انسان ، ولا أصح من أن يبلغ الانسان بانسان درب خلاص ، وهنا كان البحث عن معالجة عاشقة من عشق يكاد ينتقصها حياتها بعد غدر أو هجر ، هو برأيها لم تكن هي تستحقه ، فهي عاشقة وبها عطاء العشق ومظلومة مغدورة ، متمرمرة بمزيج من حب واحساس بظلم ، وهنا في هذا النطاق كان للادبية أحلام مستغانمة ما يزيد في عمق تأملها ، اذ سنحت لها ظروف علاقة أن تتم دعوتها لترى كيف أنه يتم استعمال الثلاثية في معالجة نفسانية ، وكان لها مشاهداتها بأم عينيها في عيادة ما في الخليج ، فكانت تساؤلاتها ، وكانت اطلالة فكرها ، وهجم عليها سؤالها ماذا يمكنها أن تضيف ، وكيف يمكنها أن تؤلف ، فهو نطاق ملهم للأديبة وخاصة منهن أحلام مستغانمي التي أبدعت في تصوير حب الوطن الهائم على موج متلاطم زاخر بكل تيار يهب على الوطن ، فكانت فكرة الكتاب (نسيان ) ، فهي حالات حب مختلفة ، وهي عذابات متفاوته ، وهو حرمان يموج فيها جميعا ، وهي كلها حالات لا يحسن بها حل سواه الذي انتبهت اليه احلام وهو نسيان ، فلا حل سواه ، انه البدء من جديد ، فهي حياة انسان ، وهو في هذه الحالة انثى ، ومن حقها على نفسها أن تنسى ، وتبدأ مباشرة حياتها ، تتجدد بنسيان ، لتبدأ بداية أخرى فتقبل على الحياة ، فلا تظل أسيرة حب لم يعد له طرف آخر ، فلقد أصبح مقطوعا ، فهي الحياة التي تركض ، وأولى بالانسان أن يدركها ليكون فيها فاعلا ومؤثرا ، فالعاشقة يجب أن تلتفت الى نفسها ، وتخدم نفسها بنسيان من هو جدير بأن يطويه النسيان ، فالنسيان هو الحل . ومن هنا وعلى دفات فكر الأدبية راح يترتب البناء الفني لكتاب اسمه " نسيان " ، فحالات عشق مختلفة ، تدور بها عذابات متفاوتة في عمقها ، وفي مبلغ تأثيرها على حياة العاشقة ، وهكذا أصبح لا بد من تبويب الكتاب ، بما يتفق والحالات التي يتناولها . وكذلك العناوين ، فلا بد وأن تكون بها دلالة على مضمون الحالة العشقية ، وأيضا كل حالة لا مفر ويتم تناولها بما يتفق وكيفية تخليص العاشقة من عذاباتها . وبالتفاتة الى جميع الحالات العشقية ( أو حالات الحب الذي أصبح منصبا على طرف علاقة لم تعد قائمة ) ، الدامعة أسى وحسرة كلها ، لنجد بأن جامعا في الخطاب اليها ، هو ضرورة نسيان في حياة الانسان الأنثى ، فكيف والذكريات لا تنفك تطل بما بها .. كيف يتأتى نسيان ، فاذكري أيتها الأنثى " ليلة الجدي " ، فلعلها تتدافع الذكريات الى زاوية النسيان ، وهو حل تنطق به حكمة جزائرية تحكيها الكاتبة في كتابها ، ولا أدري لماذا لم يتعنون كتاب الكاتبة ب " ليلة الجدي " بدلا عن نسيان ، فلربما لأن (نسيان ) غاية مطلوبة بذاتها ، رغم كل هجوم كاسح لذكريات ، وذلك لكي تبدأ هذه الأنثى الانسان حياة من جديد . وحيث أن الحالة العشقية الواحدة ، ليست بلا مثيل لها ، وانما هي ظاهرة عامة ، وذات تكرارية في الحياة وعبر الزمان ، فلا بد من مناخ عام ، من جمع شمل الصيحة الفردية ( نسيان ) ، في اطار صيحة جامعة كلية (نسيان ) ، فلست وحدك ، وانما غيرك ، بمثل ما أنت عليه ، فأنت واحدة من كثيرات ، وها هن مثيلاتك يشاركنك صيحتك .. قرارك .. نسيان ، فهو حزب النسيان ، الجامع في اطاره كل نسيان ، وهذا الحزب ضرورة شفاء وعافية ، وضرورة حس بأنك .. يا ايتها العاشقة لست وحدك في الاقرار ، بأن " ليلة الجدي " آلية انتاج ( نسيان ) ، وبأن ( نسيان ) ، تحت أي عقلنة لحالك الذي حالت أحوالك اليه ، بعد بتر لعلاقة مع حبيب ، انما هو الحل . .................................................. ................................................ 3/12/2009 الخميس astrosameh@Gmail.com |
#337
|
|||
|
|||
![]() شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
|
#338
|
|||
|
|||
![]() [SIZE="5"]اشكركم على جهودكم الرائعة التي على تساعد على تحفيز المشتركين
وأنا اسفة جدا لتأخري في الرد الرجاء منكم المسامحة[/SIZE] وان شاء الله نكون عند حسن ظنكم |
#339
|
|||
|
|||
![]() :هل تريد يا فتفوته سكر
أن يكون يكون هذا الوسام من نصيبك ؟ هل تريد أن تكون العضو المميز لشهر فبراير؟ ياليت بس انا اخر سنه في الجامعه وماعندي وقت اخلص وراح اطفشكم:a_plain111: |
#340
|
|||
|
|||
![]() [align=center][/align] بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شـكــ وبارك الله فيكم ـــرا لكم ... لكم مني أجمل تحية . |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|