ملتقى الفيزيائيين العرب > منتديات أقسام الفيزياء > منتدى الفيزياء الكونية. | ||
فيزياء الدماغ منظومة العقل |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
فيزياء الدماغ منظومة العقل
رسالة إلى علم النفس من أمه فلسفة حرر في التاسع من الشهر التاسع في السنة التاسعة من القرن الواحد والتسعين سلام تام بوجود نظام عام وبعد، إبني الغالي نفساوي أكتب إليك رسالتي هذه بعدما طال انتظاري وزاد قلقي ونفد صبري وأحسست بحاجتي إلى ضمك إلى صدري. لقد صرت لا أحتمل بعدك وسماع أخبارك الرائجة التي توحي بأنك دخلت في متاهة الظلام كباقي إخوتك الذين أغلقوا عليهم أبواب مختبراتهم ونسوا أن هناك وجود لعلاقات لازم أن تتم ولمسؤولية ملقاة على عاتقهم واجب تحملها. يا لحسرة الأم عندما ترى بأم عينيها فلذات كبدها تائهين. إنك تسلك طريقا مسدودا يا ولدي ويلزمك العودة مسافة طويلة لتأخذ المسار الصحيح. عد إلى البيت وصل الرحم إن أباك دينُ لم يعد يهمه شيء سوى سماع أخبار الخير عنك وعن إخوتك. وكيفما كان الحال فهو أبوكم وذلك هو طبعه لن يغيره أحد. حقيقة هو صارم ولا يعرف العبث لكنه طيب وحنون وكلامه يجب أخذه فوق كل اعتبار. فكثيرا ما كنتم تخالفون أوامره وتعارضون أفكاره منذ صغركم إلا أنكم في كل مطب كان يصادفكم كنتم تقفون على حقيقة ما تكلم لكم عنه. أعود لأقول لك سوف لن تجد ما تبحث عنه ما دمت تحذو حذو إخوتك الذين جعلوا من الطبيعة إلها لهم بسبب انغلاقهم داخل المختبرات. فماذا لو جعلوا من هذه الطبيعة مختبرا ما دامت تبدو مصنوعة ومجهزة مثلما صنعوا مختبراتهم وجهزوها بالآليات ألن يكون لها في نظرهم صانع؟ إن أخاك فيزياكوني ضل كثيرا متناسيا كلامي ورسائل والده له، فبعناده وعجرفته راح يتصور بداية جهنمية للكون وكأنه انبثق من وسط بركان عظيم....بّمّ...انفجار. فما الشيء الذي انفجر ؟ ومن كان المفجر ؟ بطبيعة الحال لم يكن حينئذ وجود للقاعدة حتى ننسبه إليها. وصار كل مندوب له بعد ذلك يحلل ويدقق ويفسر ويشرح،... جمرة صغيرة تدور حول جمرة أكبر منها فبردت قشرة الجمرة التي تدور حول الجمرة الأكبر منها وهكذا. إن هذه الصورة الجهنمية التي اعتمدوها في بناء أفكارهم ما هي إلا نسخة مطابقة لصورة جهنم التي كانت أمهاتهم تخوفنهم بها في صغرهم. إنهم يحسبون أنفسهم تخلصوا من الخرافة كما يعتبرونها إلا أنها لا تزال في صميم عقولهم وتسمع عاليا من خلال صوت صمتهم. أضف إلى ذلك زعمهم الوصول إلى القمر سنة 8966 بشرية ورحلاتهم إلى الفضاء الخارجي وهم لا يتجاوزون حتى الغلاف الجوي محاولين خدع الأبصار بصور وأفلام صنعها مخرجون. نحن الآن في سنة 9009 بشرية فلماذا لا تظهر سوى الصور القديمة على القمر والتي عمرها حاليا 43 سنة. من السهل أن نخدع أنفسنا دون أن نلحظ ذلك لكن من الصعب أن نخدع الآخرين دون أن يلحظوا. على أخيك أن ينتبه لنفسه وأن يدقق النظر جيدا في عمل أي مندوب له فبعمله السخيف هذا دفع بأخيه فيزينوي إلى اختلاق قوانين جديدة خاصة به مبررا سلوكه بقوله أن القوانين التي تحكم الأشياء الكبيرة لا تصلح للأشياء الصغيرة، افهمها أنت ؟ وكأن الفيزياء ألحقت بها الخوصصة. سأكتب إليهما كما أكتب إليك وسأطلب منهما ما أطلبه منك، عد إلى البيت لنناقش حالنا ونرتب غرف بيتنا ونجتمع حول مائدة واحدة كعادتنا وبالمناسبة أختك ابستمولوجيا تسلم عليك، فهي معي تركت بيت زوجها لسوء معاملته لها. ولدي الحبيب، أنا لست كأبيك أعشق المرح أحب الترفيه والرسم وكذا الغناء فكثيرا ما خلقت لي هذه الأشياء المتاعب معه وهي سبب كل صراع كان ينشب بيني وبينه في الماضي أيام كنتم لا تزالون أطفال. إني أشعر بالندم على ذلك فلم أكن أعرف حينئذ أن الشجار بين الوالدين والجو المشحون الذي يعم أرجاء البيوت ينتج أبناء غير طبيعيين. إنك مهتم بالنفس لكن نفسيتك مريضة يلزمها علاج ومنشغل بالغريزة والعقل إلا أن عقلك مضطرب يتطلب انفراج. أرجو يا غالي ألا يضايقك كلامي فأنا أمك ولا أحد يحب لك الخير أكثر مني. أعود لأقول لك بأنني أعرف أنك حائر وتائه بين آراء واقتراحات كل مندوب ولن يجديك ذلك نفعا لهذا سأساعدك وسأبلط طريقك بالإسفلت. اعتقد أرسطو وهو مندوب قديم لي ولد سنة 6613 بشرية أنه من الممكن ترتيب التنوع الغير متناهي في الحياة في سلسلة مستمرة لا تختلف كل حلقة فيها في الأغلب عن الثانية وأنه من الصعب الفصل في درجات السلم الدنيا بين الحي والميت. فالطبيعة تجعل مرحلة الانتقال من الحالة الميتة إلى الحالة الحية بشكل يجعل الحدود التي تفصل بينهما غامضة ومريبة. وأضاف إلى اعتقاده أنه قد يوجد درجة من الحياة حتى في الجماد اللاعضوي. وهو لم يخطئ هنا فكثير من الأنواع لا نستطيع أن نطلق عليها بالتأكيد اسم نبات أو حيوان. ومما يبعث على الدهشة أن أرسطو هو من عبد الطريق إلى نظرية التطور وكان قد رفض نظرية إمباذقليس التي تقول ببقاء الأصلح من الأعضاء والأجسام وهي نفس النظرية التي طورها داروين وأتباعه بعد ذلك ب 21 قرن. أما أبقراط فقدم مثلا حسنا عن الطريقة التجريبية وذلك بكسر بيض الدجاج في مراحل مختلفة من حضانته لهذا سار أرسطو على منهجه وأجرى تجارب مكنته من وصف تطور الكتكوت أثارت إعجاب المهتمين في كل العصور بعده. وفي عام 8856 بشرية ظهر المندوب برجسون الذي قال بأن الحياة تسعى جهدها للتغلب على الجمود المادي كما أنها تبذل كل ما تملك من قوة لتحرير نفسها من قوانين المادة وقيودها ويضيف أيضا أن كل ضروب الحركة والنشاط هي مظاهر من تحدي الحياة لهذه القوانين المادية. إنه يجعل من الغرائز أدوات للعقل ولم يفترض أن تكون المادة صديقة للحياة أو أداة لها وإنما اتخذها عدوة. وقبل قوله أن هذه الحياة الخالقة التي تجعل من كل فرد ونوع مسرحا لتجاربها هي الله، كان قد صرح أن الحياة في مبدأ ظهورها أشبه ما تكون بالمادة في جمودها واستقرارها وكأن الباعث الحيوي فيها كان ضعيفا لا يقوى على الحركة. إنه يجعل من الحياة مرة عدوة للمادة ومرة أخرى يشبهها بها ومرة ثالثة يجعل منها إلها دون أن يعرف ما هو هذا الدافع الحيوي الذي يختفي من الوجود بمجرد هبوط في درجة الحرارة. لقد رد عليه أحد معاصريه يدعى سنتيانا بعدما وجده يتحدث عن الحياة وكأنه نفد بعمق إلى طبيعتها بسؤاله عن ماهية هذه الغاية الخالقة المبدعة التي لا بد لها أن تنتظر الشمس والمطر لتبدأ حركتها؟ إبني العزيز، من الممكن فهم وإدراك الحياة بالوسائل الفيزيولوجية الفيزيائية كما أنه ليست هنالك داخل الكون حقيقة مغلقة لا سبيل إلى إدراكها. فالحقيقة الوحيدة المغلقة التي تجعل الانسان عاجزا عن سبر أغوار محيطها توجد خارج الكون وهي الله الحاضن لهذا الكون. إن ذات الوجود الأزلي(الله) غير قابلة للوصف لأن الوصف لا يتم إلا بإسقاط أو تشبيه الشيء المراد وصفه بشيء آخر معروف ومألوف لدى الشخص السائل، وحسب ما هو معروف أن الأشياء التي لم يسبق لنا رؤيتها أو لمسها يصعب علينا تخيلها أو بالأحرى التحدث عنها إضافة إلى أننا نعيش في عالم كله من الذرات لأن بين كل ما هو موجود في الكون يوجد قاسم مشترك وحيد هو الذرة ممـا يعني أن عــالمـنا هو عــالم النواة و الإليكترون، والأشياء تتميز لنا فيه عن بعضها البعض باختلاف تركيباتها. أما عالم الوجود الأبدي فليس فيه ذرات لأنه ببساطة لو كانت فيه مثل هذه الأشياء لكان فانيا (لأن الذرات تفنى) وما لا يقبل الفناء يملك القوة على الوجود دائما ما دامت قوته لا تنحصر في مكان محدد أو زمان محدود الأمد، ولما كان في الكون كل شيء يموت ويفنى فلقد ترتب على ذلك أن يكون لوجوده ابتداء وظهوره لم يكن مستقلا عن ذات الوجود الدائم الذي هو الله بل جاء منه وسيبقى فيه. وبمشيئته انطلقت نشأته ومن ذاته الممثلة للوجود جاء كل شيء. ومما لا شك فيه أن جوهر الأشياء له ارتباط شديد بهذه الذات وبالتالي يكون هذا الجوهر هو مادة الكون، مثلما نقول عن الخشب مادة السبورة، فهو صلة الوصل بين الصانع والمصنوع بمعنى أنه الوسيلة التي سخرها الله من ذاته لصنع الكون ما دام هو منه، ولا يصح أن نقول أن الجوهر مادة الله لأن ليست لله مادة يمكن للعقل البشري تصورها، وإنما أعني بالجوهر هنا أصل السلسلة السببية الكامن وراء كل الأشياء الموجودة ومدعوم بقوة الله. إن الكون مجبر على أن يسير على نظام لا بد منه ولا شيء فيه يحدث قبل أوانه وتبعا لذلك، فإن كل ما يحدث فيه إنما هو إلا نتيجة آلية لقوانين مختلفة وجد منسقة تعمل كلها تحت نظام القانون العام الذي وضعه الخالق منذ أول وهلة. ولصنع كون مثل كوننا لا يكلف ذلك من الله شيء فيكفيه أن يشاء ما دام هو منبع القوانين كلها. ولو حصل أن توصل العقل البشري إلى معرفة كل القوانين التي تحكم الكون فذلك لا يعني أن المعرفة البشرية قد بلغت الكمال فمهما وصلت من مستويات عالية ومهما توسعت فلن تتجاوز مجال الكون الصغير المهمل حجمه بالمقارنة مع أبدية مجال الله. فدعك من الأقاويل وابحث عن الحقيقة الضائعة التي هي بداخل الكون، إن هذه الحقيقة كالصورة التي يتم جمعها من شتاتها. أتعرف لعبة تجميع الصور التي تجيد سعاد لعبها؟ إن الصورة النهائية التي تحصل عليها سعاد بعد تجميع أجزاء الصورة المشتتة إربا إربا والمتفرقة في كل أرجاء ساحة اللعب هي كالحقيقة تبحث عنها أنت. وأمر كهذا يتطلب الصبر مع معرفة تجميع الحقائق الجزئية المبعثرة والمنتشرة هنا وهناك التي تبدو أحيانا متشابهة وأحيانا أخرى تظهر كالمتناقضات. ألم تسأل نفسك عن ماذا وضعت دجاجة أبقراط الحاضنة داخل قشر بيضها؟ ألم يخطر ببالك أنها قامت بتحميل برنامج حياتها مجلدا مجلدا وملفا ملفا داخل هذه القشرة؟ فكذلك ومثال الحياة داخل الكون. إن الله قام بتحميل كل ما يحتاجه الكون من مجلدات وملفات داخل منظومة واحدة ثم أطلق له العنان ب كن فيكون. وهو ليس بأمر سحري أو شيء من هذا القبيل وإنما هو علم لا يعلمه غيره. لا يوجد في الكون شيء اسمه جماد كل ما بداخله يعج بالحياة وينتظر المكان والوقت والمسؤول عن فتح ملفاته مثلما تنتظر الأجهزة التناسلية عند الفئران أو عند الانسان على حد السواء أمر الغدة الصنوبرية بفتح ملفاتها كي تعمل. حتى لن أطيل عليك، الجماد الذي تتحدثون عنه والمتكون من جزيئات تشكلها ذرات يعتبر كائنا حيا والذرة التي يتكون منها كل شيء هي الأخرى تعتبر كائنا حيا ولها قلب ينبض. هذا ما ستجده عند أخيك فيزيانوي في الرسالة التي أخبرتك عنها. وهذا الكائن الحي لا يعمل من تلقاء نفسه أو بمحض الصدفة بل يعتمد على معلومات مسجلة عنده في المنظومة المعدة له سلفا. إنها منظومة الغريزة آلية الحياة. وكما ترث الكائنات الحية المعروفة صيغ تركيبها ترث الذرات هي الأخرى صيغة تركيبها ولو بحثت في الذرات كلها سوف لن تجد واحدة بها نواة بلا إليكترونات أو إليكترونات بدون نواة. قلت أن الغريزة هي الأداة التي تعمل بها الحياة منذ بدايتها مع انطلاق الكون إلى غاية نهايتها بفنائه. وتعمل الغريزة على مد الكائن الحي بكل ما يحتاج إليه ليؤدي عمله ويحقق الاستمرارية. والمبدأ الذي تسير عليه هو تفاعل بين الشحن السالبة والشحن الموجبة وهو ليس صراع أو تطاحن بل هو توافق وتكامل بدأت وستكمل الغريزة مشوارها به. لقد وصلت الغريزة في صنف الحيوان إلى درجة العقل عند الانسان. يبدو الأمر وكأن الحياة طورت الغريزة وأنشأت فيها عقلا لكن الحقيقة هي أن العقل اكتملت شروط ظهوره ففتح ملفه في المكان والوقت المناسبين ليساعد الغريزة على حل الأمور المستعصية عليها وليس من أجل قمعها ومعارضتها كما هو الظن ومع ذلك فهو يخالف بعض أوامرها بفضل إمكانياته –الأخلاق- دون أن يغضبها منه. أتحدث هنا عن العقل السليم الذي يحقق لها ما تريده بالشكل الذي يراه مناسبا، علما بأن الأهواء ماهي سوى مجموع المكبوتات؟ وهذا العقل ما هو إلا آلية في يد الغريزة أداة الحياة لأن الحالة التي تتخلى فيها عنه حالة الجنون تكون الحياة قد شعرت بخطر قاتل يواجهها بسببه فتأمر الغريزة بتعطيله بغية استمرار الحياة. وهكذا يعيش المجنون حيوانا يعمل وفقا لما تمليه عليه غريزته. يتبع أمك فلسفة عربية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
انواع عرض الموضوع |
الانتقال إلى العرض العادي |
الانتقال إلى العرض المتطور |
العرض الشجري |
|
|