ملتقى الفيزيائيين العرب > قسم المنتديات العامة > منتدى الأخبار العلمية. | ||
الفيزياء هي السبيل المحتمل للتغلب على السرطان، وليس الأحياء |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
الفيزياء هي السبيل المحتمل للتغلب على السرطان، وليس الأحياء
الفيزياء هي السبيل المحتمل للتغلب على السرطان، وليس الأحياء
بول ديفيز ترجمة أحمد شكل19 سبتمبر 2013 يقول عالم الفيزياء بول ديفيز: إن مليارات الدولارات التي تُنفَق على أبحاث السرطان لم تحرز تقدمًا معرفيًّا كبيرًا بعدُ، وهناك طرق أخرى للتغلب على المشكلة. بينما الولايات المتحدة على شفير «المنحدر المالي» المتمثل في التخفيض الهائل للإنفاق، تمثِّل تكاليف الرعاية الصحية المتزايدة مشكلة كبرى، ويقع علاج السرطان على رأس قائمة هذه التكاليف، ويصاحب ذلك التنديد بالعقاقير باهظة الثمن المستخدمة في علاجه — والتي لا يقدِّم الكثير منها سوى القليل من الفوائد الإكلينيكية، إن وُجِدَ — إذ بدأت في الارتفاع بالتزامن مع تقدُّم المولودين في عصر زيادة المواليد في العمر. تلتهم أبحاث السرطان مليارات الدولارات سنويًّا، ولكن توقعات البقاء على قيد الحياة لشخص مصاب بالسرطان — مع انتشار الورم إلى أجزاء أخرى من جسده — لم تتغير كثيرًا على مدار عدة عقود، فغالبًا ما يكون العلاج متمثلًا في عمل إجراء وقائي عشوائي ضد ما هو محتوم. ولا يزال البحث عن علاج عام أمرًا بعيد المنال كعادته. وإدراكًا لهذا المأزق المُحبط، اتخذ المعهد القومي الأمريكي للسرطان (إن سي آي) خطوة جريئة في عام 2008 باتخاذ قرارٍ مفادُه أن هذا المجال ربما ينهل من إسهامات علماء الرياضيات والفيزياء؛ فلهؤلاء طرق ورؤى مختلفة كثيرًا عن علماء الأحياء المتخصصين في السرطان. فرغم كل شيء، يعلمنا تاريخ العلم أن التقدم الكبير يحدث عندما تُنقَّح الأسس الفكرية للموضوع محل الاهتمام. أَمِن المحتمل أن يكون سبب تحقق التقدم بخطى بطيئة هو أننا ننظر للمشكلة من زاوية خاطئة؟ ردًّا على ذلك، أسَّس المركز القومي للسرطان 12 مركزًا لعلوم الفيزياء ودراسة الأورام، وبعد ذلك بأربعة أعوام، بدأت المراكز تؤتي ثمارها، وذلك على سبيل المثال عن طريق إيضاح طريقة تغير السمات المرنة للخلايا بتقدُّم مراحل السرطان. خلال القرن التاسع عشر، ساد على نطاق واسع اعتقادٌ في أن الكائنات الحية آلات متشبعة بطاقات حيوية، غير أن علماء الأحياء أدركوا في النهاية أن الخلايا ليست أحد أشكال السحر، ولكنها شبكة معقَّدة من مسارات التفاعلات الكيميائية، ثم جاءت الثورة الجينية لتصف الحياة في ضوء لغة معلوماتية من التعليمات والرموز والإشارات. ويركز الاتجاه السائد في الأبحاث اليوم على نحوٍ حصري تقريبًا على المسارات الكيميائية أو التسلسل الجيني، فعلى سبيل المثال، تُخصَّص العقاقير لسد مسارات التفاعل الموجودة في الخلايا السرطانية. ويجمع برنامج «أطلس جينوم السرطان» وحدات تيرابايت من البيانات التي يأمل الناس أن يحددوا فيها نمطًا للطفرات، لكن هذه المشروعات لم تؤدِّ إلى التقدم المعرفي المأمول، رغم أنها تحظى بأهمية علمية كبيرة. لماذا؟ هناك عقبات أساسية؛ فالخلايا الحية — بما فيها الخلايا السرطانية — تشمل قدرًا كبيرًا من التعقيدات المستعصية، ومن المعروف أن الخلايا السرطانية متغايرة الصفات. والمنهج الاختزالي الذي يسعى لكشف النقاب عن تفاصيل كل مسار في كل نوع من أنواع الخلايا السرطانية ربما يشغل الباحثين لعقود، ويستهلك مليارات الدولارات، لا لشيء سوى تقديم أثر إكلينيكي ضئيل. ونادرًا ما تنجح سلاسل السبب والنتيجة الخطية في علم الأحياء الذي تسوده شبكات معقدة من التفاعلات، على غرار التغذية الراجعة ودوائر التحكم. مع ذلك، هناك طريقة أخرى لفحص ودراسة الخلايا، فإضافة إلى كونها مخزنًا للمواد الكيميائية وأنظمة معالجة للمعلومات، هي أيضًا أجسام مادية، تمتلك سمات على غرار الحجم، والكتلة، والشكل، والمرونة، والطاقة الحرة، ولزوجة السطح، والجهد الكهربي. وتحتوي الخلايا السرطانية أيضًا على مضخات وروافع وبكرات وغيرها من الآلات المعروفة للفيزيائيين والمهندسين، ومن المعروف أن الكثير من هذه الخصائص يتغير بانتظام عندما يصبح السرطان خبيثًا. مع ذلك، علينا في البداية أن نبتعد عن مفهوم العلاج، ونفكر في السيطرة على السرطان أو ترويضه. فعلى غرار الشيخوخة، السرطان ليس مرضًا قدر ما يُعَدُّ عملية، وتمامًا كما يمكن تخفيف آثار الشيخوخة دون فهم كامل لعملياتها، يمكن أن ينطبق الأمر نفسه على السرطان. هناك الكثير من الأوصاف التي ترد عن السرطان وتصوره — على نحوٍ مضلِّلٍ — كأنه خلايا مسعورة تهاجم الجسم بهدف القتل. وفي الواقع، بمجرد تحفيز السرطان، عادةً ما يكون محددًا في سلوكه، ونادرًا ما تكون الأورام الأولى سببًا في الوفاة، ولكن عندما ينتشر السرطان في أنحاء الجسد ويستوطن أعضاء أخرى، تنخفض فرص نجاة المريض منه انخفاضًا شديدًا. إنَّ ما يسمى نقيلة سرطانية هو عملية فيزيائية شديدة الوضوح، رغم صعوبة فهمها؛ إذ تنتقل الخلايا من الورم الأولي إلى الأوعية الدموية، التي تدخلها عن طريق فتحات في جدر الأوعية، تنجرف بعدها مع التيار وتدور في الجهاز الدموي، أحيانًا منفردة، وأحيانًا «تطفو» في مجموعات مثل جيوش الأقزام، وتلتصق ببعضها باستخدام الصفائح الدموية. ويتزاحم بعض هذه الخلايا المتنقلة في الأوعية الدموية الصغيرة التي تُسمى «أوردة»، وتلتف — على نحوٍ أكثر إثارةً للدهشة — حول جدار الوعاء، وتدفع إلى الخارج بخطاطيف قليلة تمسك بالجزيئات تسمى «كادهيرينات»، وبما أنها تعترض تدفُّق الدم مثبتةً على هذا النحو بالجزيئات، فإنها تتمكن من الوصول إلى أقرب عضو. ويمكن أن تتغير الخصائص الفيزيائية وشكل الخلايا خلال هذه العملية إلى حد كبير. وبوجه عام، تُعد الخلايا السرطانية رخوة ومشوهة مقارنةً بالخلايا السليمة من نفس النوع، وهو التحول الذي ربما يؤثر في قدرتها على الحركة ويزيد من قدراتها الهجومية. إن خلايا السرطان ماهرة في بناء الأعشاش في الأنسجة الغريبة عنها، عن طريق تغييرِ البنية والخصائص الفيزيائية للنسيج الداعم الذي يقع خارج الخلية في العضو المُضيف، واستخدامِ الخلايا السليمة الموجودة به. وهناك أيضًا دلائل على أن الورم الأولي ربما يُرسِل إشارات كيميائية مسبقًا لإعداد الأساس الفيزيائي والكيميائي للمستعمرات السرطانية. رغم أن النقائل السرطانية تبدو متفوقة في خبثها، فإن معظم الخلايا السرطانية المنتشرة لا تستمر مطلقًا في إحداث مضاعفات؛ فالغالبية العظمى منها تموت، وربما تظل الخلايا الباقية خاملةً لسنوات أو حتى عقود، إما كخلايا منفردة خاملة في نخاع العظم، أو كنقائل مجهرية في الأنسجة، قبل التحول إلى أورام ثانوية تأخذ في الانتشار. ومن ثَمَّ فهناك الكثير من الحالات «الناجية من السرطان»، والتي تقضي نحبها عندما يعاود نفس السرطان ظهوره أشد خبثًا بعد سنوات، بل وحتى عقود من إزالة الورم الأصلي. إن انتشار السرطان يقدِّم احتمالات عديدة للتدخل الإكلينيكي بمجرد التخلي عن حلم العلاج. فعلى سبيل المثال، إذا كان يمكن إطالة فترة الخمول بضربها في نفسها خمس مرات — مثلًا — فستتوقف الكثير من سرطانات الثدي والقولون والبروستاتا عن كونها مشكلات صحية، فكيف يمكن تحقيق ذلك؟ الجذور التطورية لسنا في حاجة إلى التعرف على التفاصيل الدقيقة لأجزاء الخلايا السرطانية الداخلية من أجل اكتشاف طريقة للتمكن من السيطرة على تصرفاتها العامة؛ فمن المعروف جيدًا أن الخلايا تنظم أعمال الجينات، ليس نتيجةً لإشارات كيميائية فحسب، ولكن أيضًا بسبب الخصائص الفيزيائية لبيئتها المصغرة، فيمكنها الإحساس بقوى على غرار إجهادات القص ومرونة الأنسجة المجاورة، كما أنها تستجيب لدرجة الحرارة، والمجالات الكهربية، ودرجة الحموضة، والضغط، وتركيز الأكسجين. وتقدم كل هذه المتغيرات فرصًا للتدخل وتحقيق استقرار الخلايا السرطانية المنتشرة. على سبيل المثال، يحاول بعض الأطباء علاج السرطان باستخدام العلاج بالأكسجين ذي الضغط العالي، حيث يُحتجَز المريض في حجرة تحوي أكسجينًا نقيًّا عالي الضغط، وهو ما يؤثر على عمليات الأيض في الخلايا السرطانية. إننا نحتاج أيضًا إلى إشراك علماء أحياء من تخصصات أخرى في أبحاث السرطان؛ فرغم كل شيء، السرطان منتشر بين الثدييات والأسماك والزواحف وحتى النباتات. ومن الواضح أنه جزء لا يتجزأ من قصة تطور الحياة متعددة الخلايا على مدار المليار سنة الماضية. ويبدو أن معظم الخلايا الطبيعية تنمو محمَّلة مسبقًا ب «برنامج سرطاني فرعي» يمكن تحفيزه عن طريق مجموعة متنوعة من الأضرار التي تلحق بالجسد، ونحن في حاجة إلى أن نفهم الأصل التطوري لهذا البرنامج بنفس درجة الحاجة لفهم آليات تحفيزه. إضافة إلى ذلك، من المعروف منذ زمن أنه يوجد أوجه شبه كثيرة بين السرطان وتطور الأجنة، وتتزايد الأدلة على أن بعض الجينات التي تتبدى خلال فترة تطور الجنين تعاود الظهور مرة أخرى في السرطان. في الوقت الراهن، يملك برنامج أبحاث السرطان الضخم قدرًا هائلًا من البيانات الفنية، ولكنه يفتقد فهمها. ومن خلال إعادة تشكيل المشهد التصوري، ربما نتوصل أخيرًا لاستراتيجية لشن هجمات جادة للتعامل مع مرض يهابه الناس بشدة، ولكل عائلة على هذا الكوكب تاريخ معه. مجلة نيو ساينتيست، المجلد 217، العدد 2898، الصفحات 24-25 5 يناير 2013 |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
انواع عرض الموضوع |
الانتقال إلى العرض العادي |
الانتقال إلى العرض المتطور |
العرض الشجري |
|
|