ملتقى الفيزيائيين العرب > قسم المنتديات العامة > منتدى المناسبات. | ||
يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟ |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
|||
|
|||
![]() وردة
بقلم محمد يوسف جبارين( أبوسامح) .. أم الفحم..فلسطين وردة يانعة ، رائعة ، ما أجملها ، تنتعش الصدور لمرآها . تبدو عند الصباح ، وقد افترشتها قطرات الندى ، وزاورتها أشعة الشمس ، ريانة ، فرحانة ، مرصعة باللالىء ، تتمايل بها النسائم الناعمة ، تلاعبها فترقصها ، فتبهر الأنفاس ، تأسر النفوس ، تخلب الألباب ، انها آية من الجمال الآسر، فسبحان من خلق الجمال فسواه نعمة وهناءة وسرورا . وردة بيضاء أوراقها خضراء ريحانة شماء أريجها ضياء تحيا في خميلة غناء ، وارفة الظلال ، يأتيها الاطفال ، كل نهار ، يتحلقون حول الوردة الجميلة ، يتأملون ، يرقصون ، يتغنون يصدحون : نغني للحياة ، نقرأ الحياة ، نفهم الحياة. تحيا القراءة نبتسم للحياة ، بنا الحياة تبتسم . نبني الحياة ، بنا الحياة ترتسم . أقرأ الحياة ، تفهم الحياة ، تحب الحياة. تحب الابتسامة. وفي يوم من الايام ، بينما النهار يتثاءب ، جاء الى الخميلة طفل غرير ، وأسمه سامح ، رأى الوردة الجميلة ، فطابت نفسه لمرآها ، اشتم عطرها ، فانتعش صدره ، جرت في وجهه بشاشة ، رسمت شفتاه ابتسامة ، غناها أغنية الزهور . وسوست له نفسه ، اقتلعها من موضعها ، خذها ، ازرعها عندك ، تبقى لك وحدك دون غيرك ، تراها ، تهنأ بشذاها في كل الأوقات . طابت له الفكرة ، مد يديه الى الوردة ، نبش التراب من حول جذورها ، اجتثها ، احتملها بين راحتيه ، وخف بها الى داره ، وهناك زرعها في تراب آخر ، واهتم بها كثيرا . ويوما بعد يوم ، راح الذبول يعتريها ، وشذاها ينضمر ، فارتاع من ذلك ، وطفق حائرا مدهوشا ، لا تلمع في وجهه بارقة ابتسام . وانه لكذلك ، اذ لمحه ابوه ، فسأله عما ينغصه ، فقال سامح ، وهو حائر النظرات ، مشتت الذهن ، تعلو جبينه سحابة من الكآبة والحزن ؛ يا أبتي ، انها وردتي تذبل على عظيم اهتمامي بها ، وانني أذوب في حبها ، أحب لها الحياة . ردد أبوه نظره في وجهه هنيهة ، وقال ورنة الحكمة في صوته ، يا بني ، لا تزرع نبتة في غير ترابها فكل نبات وله تراب . توترت أعصاب سامح ، وأرسلت عينه دمعة ساخنة ، ثم أخفى وجهه في راحتيه وبكى بكاء مريرا ، فالتاع ابوه لحاله ، فاجتذبه من قميصه ، احتضنه الى صدره ، وقال والحنو يشيع في محياه ، لو كنت سألتني ، وأخذت رائي ما ندت عينك دمعة واحدة ، على شيء تعلقت نفسك به ، ولو أنك ترهف السمع ، تسمعني وتطيعني فيما أنصحك فيه ، لتمنيت عليك أن توافقني الرأي ، تنهض الآن فتعيد النبتة الى ترابها ، فما زالت أوراقها خضراء ، فيها الحياة ، لم يفترشها اصفرار ، وان مسها ذبول ، فلعلها تزهر وتثمر وتطرح بذورها في ترابها ، فتضمن استمرارها في الزمان . رفع سامح رأسه ، ومسح دمعته بأنامله ، وسأل بلهفة ، أحقا تحيا ، ان أنا عدت بها الى ترابها وأجوائها الجميلة في الخميلة ؟! . قال أبوه نعم ، هيا ، قم ولا تتبلد . وما تلبث سامح لحظة ، انطلق من فوره ، وهو يقول في نفسه ، لقد ارتكبت خطأ فظيعا حين أرغمت النبتة على الحياة في الغربة والشتات ، كيف فعلت ذلك ؟!. تبا للانانية ، انها هي السبب ، أنا مفارق الانانية – بعد الآن- الى الأبد ، فهي التي باعدت بيني وبين أصدقائي ، وكادت تقتل الوردة فأبكتني .. بعد دقائق معدودات تكون الوردة في ترابها فتحيا ، فنفرح بها جميعا ، أنا وغيري .. لكي أفرح ، لا يجب أن أسترق الفرح من عيون الآخرين . |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|