ملتقى الفيزيائيين العرب > منتديات أقسام الفيزياء > منتدى الفيزياء الكونية. | ||
فلسفة الكون و العقل |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
فلسفة الكون و العقل
فلسفة الكون و العقل
حسن عجمي كيف يتمكن العقل و ينجح في معرفة الكون رغم أننا نسلِّم عادة ً بأن الكون مادي بينما العقل يتكوَّن من معلومات ما يشير إلى استحالة التواصل بين العقل و الكون فاستحالة نشوء المعرفة بسبب اختلاف الكون عن العقل؟ تحاول الفلسفة أن تجيب على هذا السؤال , و لكي تجيب بموضوعية تعتمد على النظريات العلمية في تشكيل إجابتها. يختلف العلماء حول كيفية تحليل الكون و فهمه. يعتبر بعض العلماء أن الكون عزف موسيقي. فمثلا ً , الفيزيائي ميشيو كاكو يعتمد على نظرية الأوتار العلمية كي يستنتج أن العالم ليس سوى سمفونية موسيقية. بالنسبة إلى نظرية الأوتار , يتكوَّن الكون من أوتار و أنغامها. و مع اختلاف ذبذبات الأوتار تختلف جُسيمات الكون و طاقاته. و بذلك الكون ليس سوى عزف على الأوتار ( Jennifer Thompson and Michio Kaku : Beyond Einstein. 1995. Anchor Books .( أما علماء آخرون فيؤكدون على أن الكون كمبيوتر متطوّر. فمثلا ً , الفيزيائي لي سمولن يقول إن الكون يتشكّل من تدفق المعلومات و تبادلها. و بذلك يتصرف الكون تماماً كالكمبيوتر المتطوّر ما يشير بقوة إلى أن العالم كمبيوتر يحسب المعلومات و يتبادلها. بالنسبة إلى سمولن , أحداث الكون مجرد عمليات معلوماتية حسابية بينما العلاقات السببية ليست سوى تدفق للمعلومات من حدث إلى آخر ( Lee Smolin : Three Roads to Quantum Gravity. 2001. Basic Books (. أما عالِم الكوزمولوجيا مارتن ريز فيرى أن الكون كائن حي. بالنسبة إليه , يتطور الكون بكافة نجومه و مجراته و يزداد في التغير و التعقيد تماماً كما يحدث للكائنات الحية التي تولد و تنمو. و يتبنى الفيزيائي سمولن هذا النموذج أيضاً فيصف الكون من خلال مفاهيم التوالد و الوراثة و الانتقاء الطبيعي كما يُوصَف الكائن الحي. بالنسبة إلى هذا النموذج العلمي , تولد أكوان جديدة في الثقوب السوداء. و هذه الأكوان تحتفظ بذكريات قوانين الطبيعة القائمة في الكون الأم. من هنا , يوجد نوع من الوراثة يحكم الكون و توالد الأكوان الممكنة. و الأكوان التي تملك ثقوباً سوداء أكثر هي التي ستوجد بأعداد أكبر لمقدرتها على إنجاب أكوان عدة. هكذا الانتقاء الطبيعي الذي يحكم عالم الأحياء يحكم الكون و الوجود أيضاً ( Martin Rees : Our Cosmic Habitat. 2003. Princeton University Press & Lee Smolin : Three Roads to Quantum Gravity (. لكن لماذا كل هذه النماذج العلمية ناجحة إلى أقصى حد في دراسة الكون رغم اختلافها و تعارضها ؟ يكمن الجواب في كون الكون ليس سوى نظام تواصلي. فبما أن الكون نظام تواصلي , و علماً بأن العزف الموسيقي و الكمبيوترات المتطوّرة و الكائنات الحية ليست سوى أنظمة تواصلية , إذن من الطبيعي أن تنجح النماذج العلمية السابقة في وصف الكون و تفسيره على أنه عزف موسيقي و كمبيوتر متطوّر و كائن حي. فالعزف الموسيقي نظام تواصلي يتواصل مع المُستمِع من خلال إرسال رسائل صوتية , و الكمبيوتر نظام تواصلي أيضاً بحيث يتواصل معنا من خلال إرساله للمعلومات و تبادلها تماماً كما أن الكائن الحي هو نظام تواصلي لكونه يُرسِل و يتبادل المعلومات المتوارثة في جيناته. على هذا الأساس , من الممكن بنجاح وصف الكون و تفسيره على أنه سمفونية موسيقية و كمبيوتر متطوّر و كائن حي لأن الكون نظام تواصلي تماماً كالموسيقى و الكمبيوتر و الكائنات الحية. من هنا , تكتسب نظرية أن الكون نظام تواصلي قدرات تفسيرية قيّمة ما يدل على صدقها. بما أن الكون نظام تواصلي , إذن من المتوقع أن يتواصل من خلال إرسال معلومات من أجزائه المختلفة إلى أجزائه الأخرى. مثلا ً , يتواصل الكون معنا من خلال إرسال معلومات متنوعة و عديدة منها إرسال معلومة أن الجُسيم كالإلكترون هو جُسيم و موجة في آن كما تؤكد نظرية ميكانيكا الكم العلمية. و يُرسِل الكون المعلومات العلمية الصحيحة إلى عقولنا بشكل دائم كإرساله معلومة أن الجاذبية ليست سوى إنحناء الزمكان ( جمع الزمان و المكان ) كما تؤكد نظرية أينشتاين. و النجوم ترسل معلومات من خلال ضوئها فيستنتج العلماء مما تتكوّن و كم تبعد عنا. من هنا , النجوم أيضاً أنظمة تواصلية تعبِّر عن ذواتها و صفاتها. فلا وجود من دون تعبير و رسالة و تواصل. كل ظاهرة تتواصل من خلال معلوماتها التي تتحدّث عن صفات الظاهرة نفسها و إمكانية التفاعل معها. مثل ذلك أن الزهرة ترسِل معلومة أساسية إلى محيطها تتشكّل من رائحتها فتعيِّن كيفية التفاعل معها كأن يزرعها الإنسان و يحافظ على بقاء نوعها بسبب طيب رائحتها. و في الوقت نفسه ترسِل الزهرة رسالتها المتكوّنة من رائحتها الطيبة إلى الحشرات كالنحل لكي تأخذ منها رحيقها و تنثره في حقول أخرى ما يضمن استمرارية وجود الأزهار. هكذا الظواهر الطبيعية ليست سوى أنظمة تواصلية تخبر عن ذواتها و صفاتها بفضل ما ترسِل من معلومات. لذا يتمكن العقل من إدراك الكون و معرفته. فالعقل نظام تواصلي لأنه يتبادل المعلومات و يرسلها إلى آخرين. و بما أن الكون نظام تواصلي , و العقل نظام تواصلي أيضاً , إذن من الممكن أن يتواصل العقل و الكون فتحدث المعرفة. كون بلا تواصل كون بلا معرفة, و كون بلا معرفة كون بلا وجود. |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
انواع عرض الموضوع |
العرض العادي |
الانتقال إلى العرض المتطور |
الانتقال إلى العرض الشجري |
|
|