ملتقى الفيزيائيين العرب > قسم المنتديات الفيزيائية الخاصة > منتدى البحوث العلمية. | ||
ظهور الليزر " من كتاب المبتكرون ـ د. ثيودور اتش مايمان" |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
ظهور الليزر " من كتاب المبتكرون ـ د. ثيودور اتش مايمان"
[glow="000000"]
من غرفة العمليات إلى السوق [/glow] " و عندما يظهر شيء جديد تماما ، فإن استخدامه بشكل مناسب يتطلب وقتا ، و يبدو أنّ الناس ينسون بأنّ الفترة ما بين أول رحلة طيران قام بها الأخوان رايت و بين الطيران التجاري كانت حوالي ثلاثين سنة " . د. ثيودور اتش مايمان
__________________
نحن قوم إذا ضاقت بنا الدنيا اتسعت لنا السماء فكيف نيأس ؟!! |
#2
|
|||
|
|||
الجزء الأول
تكون الإبتكارات عادة نتيجة لجهود جماعية ضمن مؤسسة واحدة، أما تطوير الليزر ، فيوفر فرصة لدراسة جانب مختلف من جوانب العملية الإبتكارية. إن كلمة "التميز" هي المفتاح، لأن الليزر ليس كتلة منفردة بل هو عدّة أدوات تمت صناعتها في عدد من المختبرات الأكاديمية والصناعية، ولأنه اداة ذات قوّة فريدة ، فإن إيجاد استخدامات تجارية له يبقى تحديا قائما، بالرغم من أن بداية البحث فيه ظلت غامضة لوقت طويل. ويأتي اسم ليزر من الحروف الأولى لوظائفه، وهي تضخيم الضوء بالانبعاث القسري للإشعاع. ومرّة أخرى، كان العلم مدينا (لألبرت أينشتاين) لتطويره النظرية التي طبقها العلماء فيما بعد. و نظراً لإيحائه بأن الانبعاث الطبيعي يحدث عندما تنحلّ ذرة في حالة استثارة من تلقاء نفسها باعثة فوتوناً بطاقة معينة. وضع (أينشتاين) نظرية تقول أنّ بالإمكان إحداث هذه الحالة بضرب الذرة المستثارة بفوتون يحمل نفس القدر من الطاقة التي يحملها الفوتون الذي انبعث بشكل طبيعي، مما سيؤدي إلى انبعاث الفوتونين متساويي الطاقة معاً في نفس الاتجاه و بنفس الأطوار. وبالرغم من أن هذه النظرية كانت لامعة، فقد مرّت سنوات عديدة قبل أن يفكر العلماء بتطبيقاتها. وكانت العملية تحدث في أقل من 1/100 مليون من الثانية أحياناً ، دون أن تسمح للإنسان بالتحكم بها . و قد تمّ توضيح النظرية عام 1954 عندما قام ثلاثة أمريكيين بإجراء ماسموه ب ( ماسر ) ، أي تضخيم أمواج الميكروويف بالانبعاث المحثوث للإشعاع . فقد نجح ( تشارلز اتش تاونز ) ، و( جيمس بي جوردون ) و ( اتش جيه زايجر ) ، باستخدام مباديء ( أينشتاين ) ، في تضخيم أمواج الميكروويف : و هي الأمواج المغناطيسية الناتجة عن المقاطع الإنتقالية بين مستويات الطاقة للجزيئات ، بنفس الطريقة التي تنتج ذرات الضوء فيها . لقد كان ( تاونز ) أول من بدأ بدارسة التحليل الطيفي لأمواج الميكروويف الكهرومغناطيسية ، خلال باحثاً في مختبرات ( بل ) في نيوجرسي و بعد انتقاله إلى جامعة كولومبيا كأستاذ جامعي و مستشار لمختبرات ( بل ) . لقد كان مشروع ( ماسر ) رسالة دراسات عليا مقدمة من ( تاونز ) ( لجوردون ) من جامعة كولومبيا . و قد أثارت هذه الرسالة و الأمواج الضوئية في الكثير من الأمور ، فقد و فرت عملية ( ماسر ) معلومات مهمة عن الطرق التي تعالج بها الذرة لتنتج الضوء . بدأ العلماء في كل مكان من العالم بدراسة الإحتمالات ، مما أدّى إلى الكثير من الإرباكات التي رافقت البداية المعقدّة للّيزر . يعتبر ( تاونز ) مساهماً في أوّل الاكتشافات العظيمة ، ففي عام 1958 قام هو و الفيزيائي ( آثر إل شاولو ) الذي كان تلميذاً ( لتاونز ) في مرحلة ما بعد الدكتوراه في كولومبيا ، بنشر دراسة بيّنا فيها أفكارهما و أساليبهما لتضخيم أمواج الضوء بالانبعاث المحثوث . و قد كانت أوّل دراسة من نوعها . و رحّبت الدوائر العلمية بها ، وقد منحا براءة لاختراعهما ، و اشترك ( تاونز ) بجائزة نوبل للفيزياء مع اثنين من العلماء الروس ، تقدير لجهودهم التي قادت لتطوير الماسر و الليزر . و عندما بدأ العلماء في مختلف أنحاء العالم باتباع المبادىء الموضحة في هذه الدراسة ، بدأت الأحداث غير المعلنة تعقد البدايات الأولى لتطوير الليزر . ففي تشرين الثاني ، و قبل شهور من نشر دارسة ( تاونز ) و ( شاولو ) ، كان أحد طلاب الدراسات العليا في جامعة كولومبيا قد توصل بمفرده لنتائج مشابهة ، و هذا الطالب هو جوردون جولد ، طالب ذكي يبلغ من العمر سبعة و ثلاثين عاماً ، و يحمل شهادة البكالوريوس في العلوم من كلية يونيون و الماجستيرفي الفيزياء من جامعة ييل . و قد كان واثقاً من أنه توصل لشيء في غاية الأهمية ، و عرف بأنّ عليه أن يحمي اكتشافه . فأخذ دفتر ملاحظاته الذي كان قد صاغ فيه بعناية خطته لإنتاج شعاع ضوء متماسك و ذهب إلى محل لبيع الحلوى خارج حرم الجامعة ليوثق ما كتب لدى كاتب عدل ، آملا بأن يكون هذا كافياً لحفظ حقه في هذه العملية ، التي أطلق عليها اسم " تضخيم الضوء بالانبعاث المحثوث للإشعاع " . و قد اعترف ( جولد ) ، أنه كان يتوجب عليه أن يتقدم بطلب براءة لاختراعه في ذلك . الحين ، و لكنّه كان يعتقد آنذاك ، بأنه يجب أن يقدم نموذجاً حيّاً لاختراعه مع الطلب من أجل الحصول على البراءة ، و لم يتقدم بالطلب حتى عام 1959. و قد أصيب بالإحباط عندما عرف بأن استاذه في جامعة كولومبيا و ( شاولو ) قد حصلا على براءة الليزر ، و التي أصبحت ملكاً لمختبرات ( بل ) . و يعتقد جولد أنّ طلبه الأول " يحتوي عشرة اختراعات " و لكن خياره الوحيد كان مطالبة ( شاولو ) و ( تاونز ) بما يسميه مكتب البراءة ب ( التدخّل ) . و لسوء حظه ، حكمت المحكمة بأنه لم يكن مستوعباً للفكرة عام 1957. فكان القرار ضده . كانت العملية التي حصل ( شاولو ) و ( تاونز ) على براءتها تتضمن استخدام بخار البوتاسيوم ، من ضمن مواد أخرى ، يوضع في أنبوب زجاجي كمادة نشطة تجعل حركة الليزر ممكنة . و قد بدت النظرية صحيحة لأن النسبة الكبرى من كتلة أي غاز هي في الحقيقة فراغ ، مما يجعل التنبؤ بتصرفاته عند حث انبعاث إشعاعه أكثر سهولة . و بذلك يصبح من الممكن دراسة كل جزيء على حدة دون الشعور بالقلق من تأثير جيرانه من الجزيئات الأخرى . لقد بدا أن البوتاسيوم اختيار جيّد ، لأن جزيئاته عبارة عن ذرات مفردة ، مما يجعل حساب تصرف الغاز أقل تعقيداً . و لكّن النظرية فشلت عندما طبّقها ( شاولو ) و ( تاونز ) ، فلم يستطيعا تنشيط العنصر بشكل كاف لتوليد الانبعاث . و قد حاول العديد من العلماء إجراء تجارب على مجموعة من الغازات المكونة من ذرات مفردة ، لإنشاء نموذج ملموس للأدوات التي وصفها ( شاولو ) و ( تاونز ) . و قدتم تشغيل إحداها بالفعل ، لكنّ الذي فاز بإنتاج أوّل ليزر عامل كان مشاركاً في إجراء التجارب غير متوقع له الفوز لأنه كان بعيداً عن الإشارة الأولى المثيرة ، و كان رجلا له أسلوب جديد ، هذا الرجل هو د. ( ثيودور اتش مايمان ) ، و هو فيزيائي في مختبرات هيوز لأبحاث الطيران في ماليبو في كالفورنيا . و قد أظهر حماس المبتكر الحقيقي في مواجهة المشاكل المادية و العلمية ليصل إلى إنتاج أوّل ضوء مضخم بالانبعاث المحثوث للإشعاع . و قد أثمرت جهوده الحثيثة في ربيع عام 1960 ، عندما أنتج شعاعاً ضوئياً يفوق ضوء الشمس و لمدة 1/1000 من الثانية . و عندما قابلناه لغرض هذا الكتاب ، تردد الدكتور ( مايملن ) لدى مقابلتنا له بالاعتراف بأن المسؤولين في مختبرات هيوز " لم يكونوا متعاونين " خلال بحثه الحثيث عن الليزر ، و لعدم رغبته في التشهير بمسؤول سابق . قال ( مايمان ) بأن مختبرات هيوز كانت مترددة في أن تخوض مجال بحث الليزر ، لأنها كانت تحقق إنجازات هامة في تقنية أمواج الميكروويف ، و كانت ملتزمة بعقود حكومية لإنتاج أجهزة الرادار و ألكترونيات عسكرية أخرى . و قد كانت أموال دعم البحثً تقتطع من أرباح الشركة التي كانت حريصة على عدم استثمار أموالها في مشاريع غير معروفة . إن دراسة الوضع تبيّن أن الصراع ما بين المبتكرين الملهمين و القيادة المتحفظة قد ينتج آفاقاً جديدة مربحة للشركة .
__________________
نحن قوم إذا ضاقت بنا الدنيا اتسعت لنا السماء فكيف نيأس ؟!! |
#3
|
|||
|
|||
الجزء الثاني
كان ( مايمان ) يعمل في مشروع ماسر في مختبرات هيوز بموجب عقد حكومي منذ 1957 ، و قد بدأ بصياغة أفكاره الخاصة عن أفضل الطرق لإنتاج الليزر خلال تلك الفترة . و قد وصف اهتمامه المبكّر بالألياف الضوئية بأنه " تفكير أساسي " ، و لكنّ اهتمامه بدأ يتزايد ، حتى أنه اختلف مع نظريات ( شاولو ) و( تاونز ) التي نشرت في دراستهما عام 1958. و هو يتذكرّ أنّه كان يعتقد أنّ حساباتهما تدل على أنّ ما يقترحانه لن يكون مجدياً . و بدلاً من أن تؤثر عليه دراسة ( شاولو ) و ( تاونز ) وتغيّر اتجاهه ، فقد عززت اعتقاده بأن أسلوبه البسيط قد يحقق نجاحاً أكبر. و بالرغم من أن ( مايمان ) أنجز الكثير من الدراسات النوعية لا حتمال إيجاد الليزر، إلا أنه لم يقم بأية دراسة عملية في المشروع حتى شهر آب من عام 1959، بعد أن سلّم نموذج ماسر مصغرّ كان قد أنتجه إلى فيلق الإشارات في الجيش . و بعد أقل من تسعة شهور ، أنتج أول ليزر . و يشعر ( مايمان ) أنّ الفترة الزمنية القصيرة بين المفهوم النظري و التطبيق العملي قد تكون مضللة ، فقد أهّلته خلفتيته الأكاديمية و المهنية للقيام بالمهمة ، و كانت أيضاً وسيلة للحصول على موافقة الشركة على البدء بالمشروع . " ربما كانت خلفيتي العلمية أحد الأسباب الرئيسة التي أدّت إلى نجاحي . لقد تطلب المشروع خليطاً من الخلفيات ، و لم يكن لدى الباحثين مثل هذا الخليط حتى ذلك الوقت ، فقد تطلب البحث معرفة بالألكترونيات و الفيزياء و البصريات . و قد كان لديّ إلمام بالألكترونيات ـ فأنا حائز على الماجسير في الهندسة الألكترونية ـ و قد عملت بالألكترونيات منذ كنت طفلا ، و كنت حائزاً على الدكتوراة في الفيزياء من جامعة ستانفورد . و هذا يستلزم معرفة باستخدام أساليب البصريات . و كنت ملمّاً بالأنظمة الفرغية ـ و في الحقيقة كانت رسالة الدكتوراه التي قدمتها دراسة لأحد الغازات ـ و قد عملت في التبخير في مختبرات هيوز ، و عملت في المواد الصلبة في الماسر المصقول ، و هكذا كنت ملمّاً بالخصائص البصيرية للغازات و التبخير و المواد الصلبة ، بالأضافة للألكترونيات . و طبعاً لديّ خبرة في التجارب العملية في المواد الصلبة في المختبرات ، إضافة إلى التدريب التحليلي الذي تلقيته في مرحلة الدكتوراه ، و لهذا أعتقد أنه يمكنك القول بأنني كنت أمتلك الأدوات الملائمة " . إنّ ما يبيّن شجاعة ( مايمان ) الإبداعية ـ و التي أسهمت في تردد الشركة في منحه الدعم المطلق ـ هو تصميمه على السباحة بعكس التيار ، فبينما كان العلماء في كل أنحاء العالم يحاولون حثّ الليزر من الغازات أحادية الذرة و الأبخرة ، كان ( ماويمان ) مؤمناً بإمكانية تضخيم الضوء بإثارة ذرات بلورة . و قد كانت البلورات المصقولة خياره الأول كمادة نشيطة في أداة بصرية ، لكنه صرف النظر عنها عندما قرأ مقابلات تحتوي قياسات تشير إلى أنها ستكون غير عملية لأغراض البصريات ، و قد قاده ذلك إلى دراسة مواد صلبة أخرى ، لكنها لم تكن عملية أيضاً . لقد عاد إلى الياقوت لأنّ خصائصه كانت تعد بالخير عدا سلبية واحدة كان قد قرأ عنها ، فقرر أن يجري قياسات مفصلة خاصة عن الياقوت ، لا لإثبات أنه مناسب بقدر ما هي محاولة لفهم أسباب هذه المشكلة ، فقد أمل أن يساعده ذلك على إيجاد بلورة أكثر فاعلية . إن الياقوت مادة فلورية لا معة تطلق وهجاً أحمر غامقاً تحت الشعاع الضوئي فوق البنفسجي ، أو ، كما اكتشف ( مايمان ) ، تحت شعاع ضوئي أخضر أو أزرق ، و أن القياسات العلمية لكمية الوهج الأحمر التي تنطلق عند تسليط الضوء على البلورة تدعى الكفاية الفلورية ( الفعالية الاشعاعية ) . و كانت مشكلة الياقوت ، حسب ما نشر هي انخفاض الأرقام التي تسجلها كفاتيه الفلورية و التي تبلغ 1 % . و في محاولة لاكتشاف كفاية الياقوت الفلورية ، قام ( مايمان ) بقياسها بنفسه ، و فوجيء عندما أشارت قياساته إلى أن الكفاية الفلورية تبلغ 70 % . و كما ( مايمان ) ، فإن هناك العديد من الأمور المثيرة للسخرية في قصة تطور الليزر ، حيث كان التقدير المغلوط الذي أقنع العديد من الفيزيائيين في كل مكان أن الياقوت مادة غير صالحة كمادة نشطة في الليزر ، واحداً منها . و قد استغرب ( مايمان ) لاكتشافه هذا الخطأ بشكل خاص ، لأنه كان يعرف كاتب التقرير. و قد كان يساعده عندما كان يدرس في ستانفورد . و قد عزز اكتشافه لهذا الخطأ اعتقاده الأصلي و جعله أكثر تخفزاً للمتابعة . و دعمته هيوز بجزء قليل من مخصصات البحث ، و لكنها نصحته بإبرام عقد حكومي إن شاء المتاعبة . و قد حاول ( مايمان ) ذلك ، لكنه لم يتلق رداً . توافق إعادة تقويم ( مايمان ) لكفاية الياقوت الفلورية مع بداية اجتماع مهم للفزيائيين في نيويورك ، مما سبب بعض المشاكل الجديد ( لمايمان ) . فقد قال ( آثر شاولو ) فيه أنه قام هو و زملاؤه في مختبرات ( بل ) بدراسة بلورة الياقوت ، و أنه وجد أنّ الخطة التي كان ( مايمان ) ينوي القيام بها غير مناسبة . و قد كان ( شاولو ) و زملاؤه يعتبرون من أفضل خبراء الليزر ، و كان حكمهم المسبق على هذه الطريقة بالفشل قد أقنع الإداراة بأن ( مايمان ) كان يعمل في شيء لا جدوى له . لذا طلبت الشركة منه أن يتوقف . لكّن ( مايمان ) دافع بحماس شديد عن نفسه ، و أصرّ أنّ ( شاولو ) هو المخطيء . ففي رأيه كان بحث ( شاولو ـ تاونز ) في الليزر بالإضافة إلى ما قاله ( شاولو ) تعبيراً عن افتقارهما للخبرة المخبرية الجيّدة ، و قد أصرّ أنّهما مخطئان في اتجاهن : أخطآ في ادعائهما أن عملية التبخير ستنجح ، و أخطآ في ادعهما بأنّ الياقوت لن ينجح ، لأن ( شاولو ) فشل في ملاحظة أن مشكلة الياقوت يمكن حلها . و قد اعتراف ( مايمان ) بأن إنتاج الليزر من الياقوت سيكون صعباً ، لكنه كان مؤمناً بإمكانية إنتاجه إذا ما توفّر التهيج المناسب . وقد تغلّب ( مايمان ) بقوة نقاشه و خبرته في تطوير الماسر ، لكنه اعتبر نجاحه إنقاذاً مؤقتاً من البلاء أكثر مما هو سماح له بالمتابعة ، و كان مدركاً بأن رؤوساه يعرفون بأن بعض العلماء المشهورين في العالم يقولون بعدم إمكانية صنع الليزر . و لكن الشركة قامت بشراء معدات له بقيمة 1500 دولار و سمحت له بالمتابعة . و قبل نهاية عامة 1959 ، صنع ( مايمان ) نموذجاً للأداة التي كان يأمل بأن يصنعها ، و كانت خطته تتخلص في أن يسلط ضوءاً على الياقوت و يجعلها تشع بشكل كثيف حتى تنتج ليزرا . و قام بحساب مقاييس مصادر الضوء اللازمة لتهييج الياقوت ، و أكّد أن الطاقة الكلية للمصدر ستكون ثانوية بالنسبة لكثافة الضوء وهي الطاقة لكل وحدة في نطاق لون معّين . حيث أن توفير مصدر ضوء كثيف سيسمح بتقليل كمية الياقوت . و قد أثار بحثه الملحّ عن مصباح مناسب بعض القلق ، و وقع اختيار تقريباً على مصباح زئبقي مقوس ، ولكنه خشي أن تكون كفايته هامشية . و ماذا إن لم تنجح التجربة ؟ هل سيسخر المعارضون منه و يوقفون المشروع كلّه ؟ لقد اختار مصدراً عاديّاً : مصدر ضوء فوتوغرافي . و أشارات دراسة المصابيح الومضية إلى أن ثلاثة منها فقط قادرة على توليد الكثافة الضوئية التي احتاجها ، و أن أصغرها ( ف ت 506 ) زينون الذي أنتجته شركة جنرال الكتريك سيكون صالحاً لأداء هذه المهمة . و قد قرر ( مايمان ) استخدام بلورة الياقوت التي تصنعها شركة لايند يدوياً ، و هي أحد فروع شركة يونيون كاربيد ، لاستخدامها في المجوهرات الاصطناعية . و قد كانت مواصفات هذه الأحجار الكريمة مطابقة لمواصفات الياقوت الطبيعي ، و ستخدم أهدافه بشكل أفضل من تلك التي ستستخرج من الأرض . و قامت يونيون كاربيد بشحن البلورات إلى هيوز كمواد خام و قام ( مايمان ) ، نتيجة إداركه لميزانيته الضئيلة ، بالإيعار إلى معامل هيوز بقطعها و صقلها . و لسوء الحظ لم يكن لدى هيوز المعدّات اللازمة لجعل البلورات مصقولة كالمرآة ، لكن ( مايمان ) تابع تصميم أداته التجريبية بما توفر لديه من أدوات . و في ربيع 1960، كان ( مايمان ) يجري تجارباً بصرية على أمواج الميكروويف كشفت عن انخفاص هام في امتصاص الميكروويف ، مشيرة بذلك إلى استنزاف جزء لا بأس به من حالة الصمود .
__________________
نحن قوم إذا ضاقت بنا الدنيا اتسعت لنا السماء فكيف نيأس ؟!! |
#4
|
|||
|
|||
الجزء الثالث
عندما أصبح ( مايمان ) جاهزاً لإجراء تجارب الليزر ، بدأت هيوز بعملية انتقال ضخمة تاركة مبانيها القديمة في المدينة كلفر بعد أن أسست مركز قيادة جديدة في ماليبو . و قد استغرقت هذه العملية أكثر من أسبوعين قبل أن يتاح ( لمايمان ) و زملائه تنظيم أنفسهم و البدء من جديد بتجاربهم الواعدة . و كانت الأداة التي أمضى ( مايمان ) شهوراً في التفكير فيها ، لإنتاج أول شعاع ليزر في التاريخ ، دقيقة جداً لكنها تبدو بسيطة في تصميمها . و يقرّ ( مايمان ) بأن العديد من صور الأولى لليزر الياقوت كانت " زائفة تماماً " . و قد اعتبر مصور هيوز الجهاز غير مثير للإعجاب و أصرّ على تصويره مع ما يتصل به أدوات من مختبره . و قد كان الليزر الحقيقي يتألف من أسطوانة الياقوت البنفسجية التي جلبت من شركة يونيون كاربيد ، و البالغ طولها سنتمترين اثنين ، و نصف قطرها سنتمتر واحد . و قد صقل طرفاها حتى أصبحا متوازيين ، وغطيت أطراف البلورة بالفضة المبخرة لتعمل كمرايا ، و قد كان لإحدى أغطية الأطراف ثقب يبلغ مليمتراً واحداً لإصدار الإشعاع . و قد و ضعت البلورة على محور المصباح الذي يحيط به أنبوب الومض لإصدار طاقة كافية لتهييج الذرات في الداخل . كان موعد الدكتور ( مايمان ) مع القدر هو السادس عشر من أيّار عام 1960، عندما استطاع توليد أوّل ليزر ناتج عن بلورة الياقوت ، حيث خشي أن يؤثر عدم صقل البلورات بشكل كاف في إنتاج شعاع ليزر مرئي ، فطلب ثلاث بلورات جاهزة و مصقولة من شركة يونيون كاربيد ـ كما استخدم ( مايمان ) بلورة صقلتها معامل هيوز . و قد أكّدت كل أدوات المختبر أن جهازه ينتج شعاع ليزر كثيف جداً و مترابط من خلال طرف البلورة المغطى جزئياً بالفضة .
مرحلة التسويق كان ( مايمان ) يدرك بأنه صنع أداة ستكون متعددة الاستعمالات في المستقبل ، و أراد أن يتبع التقاليد العلمية المعروفة بنشر اكتشافه في مقالة علمية . و قد كانت الشركة تتحفز للفوز بالمقام الرفيع نتيجة لهذا الإنجار العلمي الضخم . و وصف ( جورج إف سميث ) ، الذي أصبح لا حقاً مدير مختبرات هيوز ، ما حدث بأنه " سلسلة مضحكة من الأخطاء " . لقد أرسل ( مايمان ) مقالاً بعنوان " فعل الليزر الضوئي في الياقوت " إلى المجلة العلمية المرموقة ( فيزيكال رفيو لترز ) ، و لكنها رفضتها لأنها اعتبرتها تهويلا لقصص الماسر . أما بحث ( مايمان ) الذي يحمل عنوان " الإشعاع الضوئي المحثوث في الماسر المعتمد على الياقوت " فقد نشر في مجلة نيتشر ( الطبيعة ) البريطانية بعد ثلاثة شهور من إنتاجه لشعاع الليزر . و نظراً اعدم رغمتها في الانتظار فترة أطول خوفاً من تمكن الآخرين من إنتاج الليزر ، فقد حددت مختبرات هيوز موعداً لمؤتمر صحفي شامل في فندق ديلمونيكو في نيويورك في السابع من تموز عام 1960. و كانت هذه ، في رأي ( مايمان ) أكبر حماقة ارتكبتها الشركة حتى الآن . لأنها و ضعته في موضع لا يحسد عليه مع المجلات العلمية التي كانت سياستها تقضي بالمطالبة بحقوق النشر الأولى . و الأهم من ذلك ، أنّ هيوز خسرت بذلك كل حقوقها العالمية من ليزر الياقوت ، فلم تكن هيوز قد قدمت طلب براءة ، نظراً لمعرفتها أن معها سنة كاملة لعمل ذلك بعد الإعلان الأول في الولايات المتحدة . و لكن هذه القاعدة لم تنطبق على الكثير من البلدان الأخرى . و يدعي ( مايمان ) بأن الشركة لم تتقدم بطلب البراءة حتى أعلن عن رغبته في المغادرة في نيسان من عام 1961. و قد أسفر المؤتمر عن نتائج زادت من مشاكل ( مايمان ) ، فقد حضر المؤتمر الكثير من المراسلين الصحفيين المرموقين الذين يمثلون عدداً من الصحف و المجلات العلمية في مختلف أنحاءالعالم ، و ألقى ( مايمان ) خطاباً عن ابتكاره ، مؤكداً على تسميته بالليزر و الماسر الضوئي ، و عرض نموذجاً يمكن فحصه عن قرب ، لكن طابع المؤتمر تغيّر خلال فترة الأسئلة و الأجوبة غير الرسميّة . " لقد حدثت أشياء كثيرة ، نهض مراسل مجلة تايم و ضرب بحقيبته على الطاولة و قال : من الذي تحاولون خداعه هنا ؟ . و بدأ واضحاً أنه لم يصدق أي شيء قلناه ، فحاول مراسل صحيفة نيويورك تايمز شرح الموضوع له زاد غضبه ، و احمرّ وجهه و اعتقد بأنّ المراسل ينظر إليه باحتقار . و كانت مجلّة ( تايم ) المؤسسة الكبرى الوحيدة التي لم تنشر القصة ، مع أنها نشرت على الصفحات الأولى في كل صحف البلاد . و عندما نزلت عن المنصة ، تجمّع حولي بعض المراسلين لسؤالي و قد سألني أحدهم ، من مجلة ( شكياغو تربيون ) ، إن كان بالإمكان استعمال الليزر كسلاح ، و قد و ضحت بأنني " ذكرت الكثير من الاستخدامات المحتملة : في الاتصالات و كأداة علمية للأغراض الصناعية و الكيميائية و الطبية ، لكنني لم أفكر به كسلاح " . و لكّنه ألحّ عليّ ( و كانت أوّل مواجهاتي للصحافة ) فقلت أخيراً إنه قد يستعمل كسلاح مستقبلا بعد عشرين سنة ، فقال " هذا كل ما أدرت معرفته " . و في اليوم التالي كتبت صحيفة تصدر في لوس انجلوس بالخطوط العريضة الحمراء على الصفحة الأولى : " رجل يكتشف شعاع الموت في الخيال العلمي " . و كانت كلّ عناوين الصحف تقريباً في كل البلاد تدور حول هذا المضمون ، و كانت الصحيفة الوحيدة التي عرضت الموضوع بأسلوب علمي هي ( نيويورك تايمز ) ، فقد نشرته على الصفحة الأولى ، و لكنها لم تذكر شيئاً عن شعاع مميت " . وصلت البلورات الضؤئية المصقولة من لايند إلىهيوز بعد أيام من المؤتمر الصحفي ، و قد و ضعها ( مايمان ) في جهازه و أنتج شعاع ليزر مرئياً بوضوح . فازت هيوز في السباق ، و لكنّ المختبرات الأخرى كانت تعمل على إنتاج أنواع أخرى من الليزر ، و في أو آخر عام 1960 ، تمكن فريق مختبرات ( بل ) برئاسه ( علي جافاًن ) من إنتاج أول ليزر غازي . و قد كان ليزر ( جافان ) مختلفاً جداً عن ليزر ( مايمان ) ، إذ استخدم 90 % من غاز الهيليوم و 10 % من غاز النيون كمادة نشطة ، و مرسل مذياعي لضخ ذرات الهيليوم حتى تصل إلى حالة الهيجان . و قد أثار ابتكار ( جافان ) العلماء فصنعوا العديد من الليزرات في مختلف المختبرات ، مستخدمين عدداً من الغازات الخاملة في عام 1961 و عام 1962، و كانت مشكلة معظم هذه الليزرات أنها لم تصدر أشعة مرئية ، أي أنها أصدرت أشعة تحت حمراء ، و هي أشعة أقلّ قوّة . و لقد أحرز العالم الأمريكي ( دبليو إي بل ) تقدماً مهماً في بحثه الابتكاري ، فقد استخدم غازاً مختلفاً ، و هو الزئبق ، لإنتاج شعاع ليزر مرئي . فاستطاع تحقيق النتائج المرجوّة بتغيير بناء غاز الزئبق بجعل ذراته الطبيعية تحمل شحنة موجبة و بذلك يكون قد حوّلها إلى أيونات . و قد أدى عمله إلى تطوير ليزرات تعتمد على الأيونات التي أصبحت مصادر فعالة لأشعة ليزر حمراء و خضراء قويّة ، لكنها قصيرة العمر . و كانت أوّل الليزرات تضخ عن طريق الأشعة الصادرة عن الالكترونات التي علمت أيضاً على تأيين الذرات في المادة النشطة . و قد حدت كميات الحرارة الناتجة في العملية من قوّة الشعاع و أدت إلى تلفه ، كما أدت عملية ربط المهبط ذي الشحنة السالبة و جدران الأنبوب بالأيونات ذات الشحنة الموجبة إلى نفس النتيجة . و قد تم لا حقاً إيجاد أساليب ضخ أفضل . طورت أنواع كثيرة من الليزر ، بما في ذلك التقدم الهام الذي حققته مختبرات ( بل ) في هذا الميدان عام 1965 ، فقد بيّن ( سي كيه إن باتل ) 0 طريقة عمل ليزر الغاز الجزيئي الذي كان أكثر قوة و فعالية من ليزرات الغاز السابقة ، فقد استطاع ( باتل ) إيجاد نظام جديد يسمى " البناء الغازي المتدفق " و الذي يبقي الغاز ذا الجزئيات الثقيلة متدفقاً بين مرآتين حيث يقذف بسيل من غاز النيتروجين المهيج . و يؤدي اصطدام الغازين إلى السماح لطاقة ذرات النيتروجين بتهييج الجزيئات الثقلية للغاز النشط المختار . و قد تمكّن ( بل ) من شرح فعل الليزر مع الأكسيد النيتري ( الغاز المضحك ) ، و ديسالفيد الكربون ( ثنائي الكبريت الكربوني ) و أول أكسيد الكربون ، و ثاني أكسيد الكربون
__________________
نحن قوم إذا ضاقت بنا الدنيا اتسعت لنا السماء فكيف نيأس ؟!! |
#5
|
|||
|
|||
رد: ظهور الليزر " من كتاب المبتكرون ـ د. ثيودور اتش مايمان"
أثبت ليزر ثاني أكسيد الكربون فعاليته ، و خلال سنتين بدأت مؤسسات مثل مؤسسة ملاحة شمال أمريكا و شركة ريثيون و معهد ماساشوستس للتكنولوجيا بإيضاح النتائج القويّة لليزرات ثاني أكسيد الكربون التي ستصبح يوماً ما مصادر طاقة للأغراض الصناعية و العسكرية و أغراض البحث . و على أمل إيجاد ليزر أصغر حجماً و أكثر قابلية للحركة لا يحتاج لمصدر طاقة ذي قدرة عالية يصعب توفيرها ، حاولت بعض المجموعات في أوائل الستينات أن تدرس الجهد الكهربائي للمواد شبه الموصلة . و كان العلماء مفتونين بالضوء الأحمر اللامع الذي ينبعث عند تمرير تيار خلال فوسفات الجاليوم كمادة شبه موصلة . و بدأ العمل بتحويل هذا الضوء إلى شعاع ليزر بعد أن عرض ( مايمان ) ليزر الياقوت بفترة قصيرة . و في سنة 1962 تمكنت ثلاثة فرق بحث مستقلة في ثلاث مؤسسات هي جنرال الكتريك و أي بي إم و مختبرات لنكولن في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا من إنتاج الليزر شبه الموصل . و كانت التحسينات في المادّة النشطة و أساليب الضخ تبشّر بالكثير من الاستعمالات لليزر ، فأصبح بالإمكان السيطرة بسهولة على طاقته الناتجةعن الطريق مخزون فرق الجهد ، مما يجعله مناسباً لنقل الصوت و الصورة و الكثير من الأشياء العجيبة الأخرى . كان تطوير الليزر يتقدم بسرعة في السنوات التي تلت اكتشاف ( مايمان ) ، لكّن الاستعمال التجاري لتقنية الليزر كان ما يزال متأخراً . و لم يستطع العامّة ، و غيرهم في مجال الصناعة و التجارة ، أن يتخلصوا من فكرة أن الليزر لم يكن إلا سلاح دمار عجيب . و يتذكر د. ( مايمان ) مصارفة توضح هذه النقطة : قال : " لقد تعرفت إلى ( بيتي ديفيس ) في حفلة ، و كان أول ما قالته : كيف تشعر عندما تكون مسؤولا عن آلة الدمار تلك ؟. لقد فاجأني ذلك ! و لا أذكر تماماً كيف كان رد فعلي ، عدا عن محاولة إيضاح أنها حصلت على معلومات غير صحيحة و لكنها أتت لا حقاً عندما همّت بالخروج و قالت إنها شعرت بأنها لم تكن منصفة ، و أزاجت عني المسؤولية ، على أساس أنه عندما يخترع العلماء شيئاً فإن المجتمع هو المسؤول عن التعامل معه بمسؤولية . و قد ازدادت هذه النغمة حتى أصبحت في موقف دفاع ، مع أنني لم أسمع عن أي شخص قتل بالليزر ولو الصدفة " . كان الجيش مهتماً بوضوح بقوة الليزر التدميرية المحتملة ، و قد وافقت الحكومة على طلب ( مايمان ) السابق لعقد حكومي ، و ساعدت أموال وزارة الدفاع في تسريع عملية تطوير الليزر بشكل ملحوظ . و في الستينات ، رفضت خطة لاستعمال أشعة الليزر ضد صواريخ العدو لأنها غير عملية ، لتعود و تطبق في مبادرة الدفاع الاستراتيجي التي أطلقتها إدارة ( ريجان ) . لم يكتشف شعاع ليزر مميت ، لكن الجيش يستخدم الليزر لعدة أغراض ، و تستمرّ الحكومة في توفير مساعدات إضافية لتطوير ليزرات لا ستخدامها في أغراص إنسانية. إنّ التوتر الذي حدث في البداية كرد فعل على الليزر كان مفهوماً . فقد كان لشعاع الليزر القدرة على حرق و فتح ثقب في حائط أو صفيحة معدنية إذا ما تم تركيزه ، لكنّ العلماء اعتبروه أداة رائعة جديرة بالملاحظة ، إذ كانت قوّة الليزر أقل أهمية من الخصائص التي ولدت هذه القوة بالنسبة إليهم . و يبدو للعين المجردة أنّ الشمس تشعّ أشعة صفراء و حمراء و برتقالية ، من ألوان الطيف ، و في الحقيقة ، تشعّ الشمس و المصباح الضوئي أشعة متعددة الألوان أو الموجات التي تتوزع ، منطلقة من المصدر ، في كل الجهات . و الليزر ينتج الأمواج الضؤئية بلون واحد و موجة واحدة ، و تتحرك هذه الموجات بانسجام في نفس الاتجاه . و ما يجعلها مميزة هو اتساقها و ضيق مجال تركيزها . كان إيجاد سوق تجاري لليزر أمراً معقّداً ، بسبب نقص التقنية المكمّلة ؛ و كانت الاتصالات بالأمواج الضوئية فكرة قديمة لكن تطبيقها الآن يبدو ممكناً . و لكنّ العلماء لم يخترعوا و سيطاً لنقل الضوء حتى انقضت عشر سنوات على اختراع ( مايمان ) لليزر الياقوت . و تحتاج معظم الابتكارات وقتاً طويلاً حتى تسوّق ، و لأن الليزر مبتكر فريد ، فقد استغرق وقتاً أطول من معظم الابتكارات الأخرى . وضح طبيب في مستشفى الأطفال في سنسيناتي أول استخدامات الليزر العملية ، فقد استخدم د. ( ليون جولدمان ) الليزر في علاج الورم القتاميني ، و هو أحد أشكال سرطان الجلد عام 1961، و أثبت لا حقاً بأنه يستطيع إزالة الأصباغ الخمرية ، و الوشم و التغييرات في الجلد الطبيعي . و كان أخصائيو الرمد متشوقين لمعرفة فيما إذا كان ليزر الياقوت سيحل مكان مصباح زينون كمصدر ضوء كاف للحم البقع في الشبكية المنفصلة. و قد رأى الجراحون العديد من الاستعمالات المحتملة لليزر في الطب ، لكنّ هذه الاستخدامات لا يمكن تطبيقها قبل صنع أدوات توفّر التحكم الدقيق بقوة الليزر . لقد بدا أن إنتاج الليزر سيكون حتماً صناعة جديدة و مربحة ، إلا أن طبيعة المنتوج أوجدت الحاجة إلى تخطيط إبداعي . و كان المفتاح لجني الأرباح المتوقعة هو ربط عدّة أنواع من الليزرات لتؤدي وظائف معينة ؛ وقد كان أكثر استخدامات الليزر شيوعاً في مجالات غير معروفة للعامة ، كاستعماله في أدوات رائعة تؤدي العديد من المهمات المخبرية التي كان يعتقد أنها مستحيلة . و في هذه الأثناء ، انبهر الناس بقدرة الليزر على نقل صورة ثلاثية الأبعاد ، و ذهل الناس عندما علموا أن شعاعي ليزر يضربان سطح القمر عام 1968 ، أي قبل سنة من رحلة ( ارمسترونج ) و ( الدرين ) و ( كولينز ) . لكنّ التقدم الهام في تقنية الليزر بدأ بعد الستينات . تطبيقات إبداعية لتقنية الليزر لم تؤثر الكثير من الأحداث على صناعة الليزر الناشئة ، كما أثر عليها تقرير شركة كورننج جلاس وركس في خريف عام 1970 ، الذي أعلنت فيه أنها أنتجت أليافاً زجاجية نقية بدرجة كافية لنقل شعاع الليزر الناقل للمعلومات . و قد أثبت هذا الإنجاز ، كما سنرى في الفصل القادم ، إمكانية الاتصالات بالأمواج الضوئية ، كما أنه كان حافزاً لإجراء البحوث في مجالات استخدام الليزر في الطب و غيره من الميادين . إنّ خصائص الشعاع الضوئي الناتج عن الليزر جعلته قابلا للاستخدام بفعالية في عدّة أنواع من الأنسجة في جسم الإنسان . فمثلا ، يستخدم شعاع ليزر الآرجون في جراحة العين دائماً ، و يمكن تسليطه مباشرة خلال العين دون أن يسبب ضرراً ، و ليس لطاقته أي تأثير حتى يسقط الشعاع الأزرق المخضر على المادّة الملونة الحمراء في الشبكية في مؤخرة العين ، حيث تمتص هذه الطاقة في تفاعل كيماوي ضوئي فوري ، مسببة انفجاراً مصغراً في النسيج . و هكذا يتخلص المريض من مشكلته بسهولة و بدون ألم . و تتطلب الإجراءات الطبية أنواعاً مختلفة من الليزرات و بخاصة الليزرات التي تستخدم ثاني أكسيد الكربون و البلورات الاصطناعية كمواد نشطة ، و تكون أشعة ليزرات ثاني أكسيد الكربون و بلورات عقيق اليتريوم ألمنيوم الاصطناعية غير مرئية ، و تستخدم كلاهما لأغراض مختلفة .و يشكل الماء 70% من النسيج في الجسم الإنساني ، لذا فإنه يمتص طاقة ليزر ثاني أكسيد كربون بسهولة ، وهو الليزر الذي ثبتت فعاليته كأداة قطع ، خاصة في مناطق لا يستطيع مبضع الجراح الوصول إليها . أما شعاع ليزر بلورات عقيق اليتريوم ألمنيوم الاصطناعية فتستطيع أيضاً اختراق جسم الإنسان ، و هي فعّالة للتخلص السريع من النسيج المريض أو غير المرغوب فيه . يوفر الليزر ( السكين الضوئية ) عدّة فوائد أخرى : فهو يخفض احتمال الإصابة بالعدوى و ذلك لأنه لا يوجد أدوات تلمس الجرح ، ولا يؤثر على النسيج المحيط . و هو يسدّ الأوعية الدموية لتتجلط أثناء الجراحة مخفضاً بذلك احتمالية النزيف المفرط . يستخدم الجراحون المجواف ( أداة تدخل الجوف ) المصنوعة من الألياف الضوئية لتحديد و استئصال العوامل الضارة ، باستخدام الأشعة في كل جزء من الجسم الإنساني ، بما في ذلك أعضاء مثل الرئتين و المريء و الممر المعدي المعوي ، دون أن يضطروا لإجراء عملية جراحية .
__________________
نحن قوم إذا ضاقت بنا الدنيا اتسعت لنا السماء فكيف نيأس ؟!! |
#6
|
|||
|
|||
رد: ظهور الليزر " من كتاب المبتكرون ـ د. ثيودور اتش مايمان"
إنّ الأمل في القضاء على السرطان بأشعة الليزر لم يتحقق بعد، و لكن الأطباء استطاعوا إزالة سرطان حنجرة في مراحله الأولية بعملية قصيرة وعلاج، مختصرين بذلك أسابيع من العلاج الإشعاعي المزعج. و يبقى الإستعمال الإبداعي لليزر في الطب في مراحله الأولى بالرغم من أنّ مليوناً من الأمريكيين عولجوا بالليزر عام 1988. و قد كان علاج العينين أهم مجال لليزر ، لكنّ العلماء يكتشفون أساليب جديدة بانتظام في شتى المجالات ؛ فقد ألهم نزوع ليزر الأرجون لإنهاء اللون الأحمر العلماء لإجراء فحوص سريرية لإنتاج صبغة حمراء مشتقة من الهيماتوبورفين ، وحقنها في أجساد مرضى السرطان في مرحلته النهائية . و تمتص الأنسجة السرطانية فقط هذه الصبغة مما يسمح لشعاع الليزر نظرياً أن ينجذب للصبغة الحمراء ، و يقضي على الورم. ولن تعرف نتائج الاختبارات إلا بعد سنين، ولكن احتمال الشفاء وارد. وقد تمّ تحويل بعض الاستخدامات البشرية لليزر إلى تقنيات مربحة ، فقدرة الليزر على صنع صور أدت إلى توظيفه في نظام يحفظ بطاقات الاعتماد . ووجهت التقنية التي أنتجت التسجيلات على أقراص الفيديو التي لم تلق استحساناً إلى إنتاج أقراص سمعية محكمة الصنع والتي كانت ناجحة بشكل كبير . وتستمر التطبيقات العملية بالتزايد كلما قامت الصناعات بدراسة خصائص الليزر وكلما استمر المنتجون بتطوير أدوات أقل ثمناً ومصممة لمهمات معينة ، تجعل خصائص شعاع الليزر المتعددة من هذه الأشعة ، أداة قيمّة للقياس والثقب والقطع واللحام في المختبرات والمصانع والمنشآت العسكرية والمدنية بشتى أنواعها حتى مخازن البيع بالمفرق . لقد ظهر الليزر في السوق المحلي في منتصف السبعينات لاستخدامه في ترتيب وجرد البقالة ولوضع تاريخ الإنتهاء على علب المنتوجات المختلفة ، فتعدد استعمالات الليزر يجعله منتجاً مهماً وقيّماً . وفي الوقت الحاضر ، يعمل في صناعة الليزر في الولايات المتحدة حوالي عشرة آلاف موظف ، وتبلغ رؤوس الأموال المستثمرة حوالي 600 مليون دولار تنتج أرباحاً ببلايين الدولارات المساندة لصناعة الليزر . لقد سببت عملية إنتاج الليزر المزيد من المحن والانتصارات لمبتكريها الرئيسين وهما ( جوردون جولد ) و ( تد مايمان ) ، فقد منح كل من ( شارلز تاونز ) و ( آرثر شاولو ) جائزة نوبل تقديراً لجهوده في اكتشاف الليزر ، أمّا ( جولد ) فقد أمضى سنوات عديدة وأنفق مبالغ طائلة ليثبت ملكيته لبراءة اختراع الليزر ، وكان ل ( مايمان ) مشاجراته الخاصة مع مكتب إصدار البراءة . لقد سببت محاولات ( جولد ) الفاشلة في تحدي براءة ( تاونز ) و ( شاولو ) الإحباط ( لجولد ) نفسه حتى منحته المحكمة أخيراً حقوق براءة ثلاثة اختراعات : الليزر المضخوخ ضوئياً عام 1977 ، والعملية التي تتضمن الثقب والقطع واللحام بالليزر عام 1979 ، وبراءة ليزر تفريغ الغازات عام 1987. وقد منحته البراءات الثلاث الحقوق الرجعية بالإضافية إلى فوائدها ورسوم الرخصة التي كان من المفروض أن يحصل عليها خلال سريان مفعول البراءات . وفي بداية عام 1988 ، كان ( جولد ) قد كسب أكثر 25 مليون دولار من البراءات ، وكان ينتظر الكثير أيضاً . وفي الواقع ، لقد أفاد مادياً من التأخير على الرغم من دفعه تسعة ملايين دولار رسوماً قانونية لأن البراءات كانت ستنتهي لو حصل عليها مبكراً . وسيكون قد خسر قمّة ازدهار الليزر ، إذ كان قد باع 80% من ملكيته المتوقعة لمستثمرين خارجيين لتغطية النفقات القانونية الناتجة عن مطالبته بحقوقه . ونظراً لقناعته بأن رؤساءه ليس لديهم فكرة عمّا سيفعلونه بالليزر ، فقد غادر ( مايمان ) هيوز في صيف عام 1960 ، وأنشأ مختبره الخاص لليزر في شركة أصغر حيث أمل أن يستطيع الإفادة مادياً من عمله . وهو مصرّ بأن أول ليزر في العالم كلّف هيوز ما قيمته خمسين ألف دولار ، بما في ذلك القطع والأيدي العاملة والنفقات العامة ؛ وقد استعادت هيوز أضعاف هذا المبلغ من رسوم الترخيص . وبعد السنة الأولى من التردد ، بدأ علماء الشركات الأخرى بإنتاج ليزر يشبه مفتاحه حرف ( كيو ) وتعاونوا على تطوير ليزر أيون الغاز الخامل . واكتشفوا أن حثّ التبعثر أدى إلى أسلوب متعدد الأغراض لتغيير التردد البصري ، وقد جعلت العقود الحكومية شركة هيوز منتجاً رئيسياً لليزر الذي يستعمله الجيش لتحديد المدى . وبدعم رئيسي من شركة يونيون كاربيد ، استطاع ( مايمان ) أن يعيد تنظيم الشركة التي انضم إليها ، و غيّر اسمها إلى كوراد و ذلك لتبدأ بإنتاج و تسويق الليزر . و بعد بضع سنوات ، أبلغه محامي براءة شركة هيوز أن الشركة لم تستطع العثور على ورقة التي يفترض أنّه وقّعها و التي تمنح هيوز حقوق أي اختراع يخترعه خلال عمله فيها . و كان ( مايمان ) متأكداً بأنه لم يوقّع أية ورقة ، و هذا يعني أن لشركة هيوز الحقّ في تسويق الليزر . أما المخترع فيمتلك براءة الاختراع . فأصبح مكتب البراءة ، بموقفه العدائي التقليدي ، متردداً في منح البراءات لمايمان و لشركة هيوز . وصل عجز شركة هيوز الذي استمر فترة طويلة للحصول على براءة لإختراع ( مايمان ) ذروته عام 1968 ، أي بعد سبع سنوات من اختراعه لأول ليزر . و قد طالب محامي ( مايمان ) مكتب البراءة بإشراكه في القضية مع محامي هيوز ـ لكي يستطيع الطرفان الحصول على المعلومات الخاصة بالقضية ، فتلقى جواباً روتيناً مملا . و قد استلم محامي ( مايمان ) الرسالة التي تعلن بأن طلب البراءة وشك أن يرفض و أنّ ( مايمان ) سيخسر حقّ البراءة ما لم يقدم أدلة جديدة . و حينئذ أدرك ( مايمان ) سبب التأخير الطويل ؛ لقد قال البير و قرا طيون إن السبب واضح و ذكروا ثلاثة أسباب محددة : بحث ( شاولو ـ ثاونز ) السابق ، و رفض ( شاولو ) للياقوت كمادّة نشطة ، ثم و يا للعجب ، البحث المغلوط الذي أورد قياسات غير صحيحة عن إشعاع الياقوت . غضب ( مايمان ) جداً و كتب إجابة مفصلة وضحت " أنّ القراءة المتأنية لكل المراجع المتوفرة ، ستثبت سبب عدم فعالية الياقوت ـ لا سبب وضوح ملائمته لليزر " و لكن محامي البراءة يعتقد أن الإجابة ستفوز بالبراءة ، إذا اعتبر إفادة مشفوعة بالقسم ، و لكن حذر ( مايمان ) من القرار المؤلم الذي سيواجهه . فقبول الإفادة دون اتخاذ أية إجراءات أخرى يعني أن تفوز هيوز بالبراءة و تكسب كلّ المكافآت المالية . و كان باستطاعة ( مايمان ) أن يكافح لعله يفوز بالبراءة ، و كان باستطاعته أن يهملها و يقبل بالاعتراف الرسمي كمخترع الليزر ، و قد اختار ( مايمان ) الاعتراف الرسمي . و قدمت شركة هيوز الإفادة بكل سرور ، و تمت الموافقة أخيراً على البراءة . و بالرغم من أن ( مايمان ) لم يكسب مثل ما كسب ( جولد ) من ثروة لقاء مساهماته , إلا أنّه كان ناجحاً في عمله الخاص . و قد ادعى أنّه لم يأسف لقراره , فقد منح جائزتين عالميتين رفيعتين : جائزة ولف من إسرائيل عام 1984 ، و جائزة اليابان ، المسماة بجائزة نوبل الشرقية عام 1987. أمّا الاعتراف الكامل ( بمايمان ) كمخترع فقد جاء عن طريق إدراج اسمه في قائمة المخترعين المشهورين ، و هي مجموعة من المخترعين المميزين مثل : ( أديسون ) ، ( بل ) ، و الأخوان ( رايت )
__________________
نحن قوم إذا ضاقت بنا الدنيا اتسعت لنا السماء فكيف نيأس ؟!! |
#7
|
|||
|
|||
رد: ظهور الليزر " من كتاب المبتكرون ـ د. ثيودور اتش مايمان"
انتهى منقول
تقبلوا خالص الود والتقدير
__________________
نحن قوم إذا ضاقت بنا الدنيا اتسعت لنا السماء فكيف نيأس ؟!! |
#8
|
|||
|
|||
رد: ظهور الليزر " من كتاب المبتكرون ـ د. ثيودور اتش مايمان"
يعطيك العافيه وبارك الله فيك وجزاك الله خيـــــــــراً ،،،
|
#9
|
|||
|
|||
رد: ظهور الليزر " من كتاب المبتكرون ـ د. ثيودور اتش مايمان"
أخي وصاحبي البالـــود لا شلت يمينــــــــــــــــك بارك الله فيــــــــــــــــك |
#10
|
|||
|
|||
رد: ظهور الليزر " من كتاب المبتكرون ـ د. ثيودور اتش مايمان"
ولاشلت يمينك أنت والثبيتي من قبلك
شرفني حضوركما أشكركما جزيل الشكر تقبلا خالص الود والتقدير
__________________
نحن قوم إذا ضاقت بنا الدنيا اتسعت لنا السماء فكيف نيأس ؟!! |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
انواع عرض الموضوع |
العرض العادي |
الانتقال إلى العرض المتطور |
الانتقال إلى العرض الشجري |
|
|